في الأخبار أن رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، قدم في طهران تقريرًا "لخامنئي" عن انتصارات المقاومة في غزة! اللافت في هذا الخبر عبارة "قدم تقريرًا"، لم يستعرض هنية مع خامنئي الأوضاع الراهنة في القطاع الذبيح، لم يبحث معه المخاطر الناجمة عنها، لم يناقش، بل قدم تقريرًا، وبمعنى أكد تبعيته ووقوفه وقوف المسؤول أمام السائل.!  أما عن "انتصارات المقاومة" فسندع قطاع غزة على ما بات عليه من واقع مرير، هو من يسأل ترى أين هي هذه الانتصارات، وأين هو واقعها بين الركام.!

في طهران كذلك يجلس أمين عام الجهاد الاسلاموي، زياد النخالة، على منصة من خلف العلم الايراني، بينما مسؤوله الإيراني، جالسًا خلف علم السودان، معتقدًا أنه علم فلسطين.! وشكرًا لهذا الخطأ البروتوكولي، الذي كشف كم هي فلسطين غائبة حقًا، في وعي، واستعراضات تجار المقاومة، حتى أنهم ما عادوا يعرفون لفلسطين علمًا.! وبعيدًا عن حديث الانتصارات، ومخالفًا له، يتحدث رئيس المكتب السياسي لحماس في الخارج خالد مشعل، عن تظاهرات يريدها لنجدة المقاومة في غزة.! فيطالب في بث تلفزيوني خاص، جماهير الشعوب في كل مكان، وخاصة في الأردن، بالتظاهر على مدار الساعة لأجل النجدة والنصرة.! لا محرضًا بذلك على تعطيل الحياة اليومية في الاردن الشقيق فحسب، بل وعلى النظام السياسي فيها، وكأن المملكة بلا موقف تجاه العدوان الحربي الإسرائيلي، وكأنها أيضًا أرض مشاع، بلا قانون، ولا دولة، ولا سيادة، ليتدخل في شؤونها الداخلية، مشعل، وكأنه مالكًا  لناصية الجماهير فيها.! الأردن الذي لم يدخر جهدًا وحراكًا سياسيًا، ودبلوماسيًا، وفي كل اتجاه، لوقف العدوان الحربي الإسرائيلي، ومد يد العون والمساعدة لأهل القطاع، وقد سير قوافل الاغاثة، والإعانة الطبية، وما زال كذلك، هذا الأردن لا يراه خالد مشعل، ولا يرى سوى جماعته الاخونجية ليطالبها بالتظاهر اليومي، لعل انتصارات هنية التي قدمها في تقرير لخامنئي، تصبح فيما بعد ممكنة.! والحقيقة في كل هذا الإطار، أن مشعل على ما يبدو أكثر واقعية من هنية، فلا يتحدث عن انتصارات، بل عن تظاهرات يستجند بها، لربما تبقي حماس على حالها السلطوية في قطاع غزة الذبيح.!

المؤلم في كل هذا السياق أن حماس لا في حديثها عن الانتصارات، ولا في مطالبتها بالتظاهرات الشعبية ترى شيئًا من الواقع الذي بات عليه قطاع غزة، حتى أن أسامة حمدان من بيروت يعلن بلا تردد "راح نحمي رفح كما حمينا الشمال".! وهذا والله ما يقلق تمامًا، فإذا ما جاءت حماية حماس لرفح، كحمايتها للشمال، سنكون أمام أعداد مهولة أخرى من الشهداء والجرحى والنازحين! فمتى توقف حماس نيران بلاغاتها المتعالية على الواقع، التي تواصلها بلا تردد وبلا أي مراجعة.