منذ اليوم الأول لحرب الإبادة والتطهير العرقي في غزة، والكل يدرك رغبة نتنياهو الدائمة باستمرارها وبتعطيله الدائم لكل جهد قد يفضي إلى إتمام صفقة لوقف هذه الإبادة، والمتابع يلمس ذلك من خلال التصريحات والنقاشات والمماطلة التي يتعمدها نتنياهو، وتهربه الدائم من كل الضغوط الداخلية، خاصة التظاهرات التي تخرج إلى الشوارع، وهي تطالبه بضرورة الموافقة على صفقة للتبادل من نتائجها وقف الحرب. تحت أعذار كاذبة وحجج باهتة يواصل نتنياهو خطته القائمة على عدم التوصل إلى صفقة، وإفشال جهود كل الوسطاء، وصولاً لتحقيق أهدافه لخلق واقع جغرافي جديد في غزة، يقضم فيه الاحتلال مساحات شاسعة من أراضي القطاع، ورسم خرائط جديدة في الشمال والجنوب والوسط، وعلى طول الشريط الحدودي.

الاستمرار في حرب الإبادة والتطهير العرقي والبقاء في غزة، وإعادة الاحتلال طويل الأمد، وسرقة الثروات الطبيعية أهمها الغاز، هذه هي رغبة نتنياهو وائتلافه الحكومي، وهي أحد أهداف الإبادة المستمرة، لهذا فهو يعمل على إفشال كل جهد يقوم به الوسطاء للتوصل إلى صفقة تبادل ووقف الحرب، وهو يراهن على استمرار الدعم الأميركي بل وزيادته مع استلام الرئيس ترمب مهامه منتصف الشهر الحالي.

يعطل نتنياهو التوصل إلى صفقة التبادل، وهو يراهن على إطالة أمد الحرب، واتساع رقعة الخراب في غزة، وقتل المزيد من الأرواح البريئة، وفي رهانه ما يكشف أكاذيب إدعائه، فلا هو مكترث لأمر المحتجزين ولا يعنيه أمرهم، لأن رغبة نتنياهو تتلاقى مع ائتلافه الحكومي بمواصلة الإبادة والتطهير العرقي، وهذا يؤكد بأنه ليست لديه رغبة حقيقية في التوصل إلى اتفاق، الأمر الذي يسقط رهان البعض بأن الأطراف تقترب من الاتفاق، ومثل كل مرة فإن هذا التوافق سرعان ما يفشل عند نقاط خلافية تطفو على السطح. 

ما يماطل لأجله نتنياهو واضح، لكنه عاجز حتى اليوم عن تحقيقه بكل ما يمتلك من قوة عسكرية دمرت القطاع، وبكل وسائل التكنولوجيا الأمنية المختلفة، فقد عجز في الوصول إلى المحتجزين من دون التوصل إلى صفقة، وعجز عن تهجير الناس وطردهم خارج غزة، برغم كل العذاب والألم وكل المعاناة، إلا أن أهالي القطاع باقون ويرفضون الهجرة والتهجير، كما عجز عن تحقيق صورة للانتصار يريدها، فكيف تكون صورة المنتصر على أشلاء الأطفال والنساء، وفوق ركام البيوت المهدمة، وفي حرق وهدم المستشفيات واعتقال الأطقم الطبية، والتي كان آخرها مشهد اعتقال الطبيب حسام أبو صفية والذي لم يعرف مصيره بعد. فعن أية صور يبحث مجرمو الإبادة الجماعية؟.