منذ اللحظة الأولى يعيد العدوان على غزة إنتاج منظومة استعمارية تسعى إلى تفكيك مجتمعنا وفرض خرائط جيوسياسية جديدة في المنطقة، في ظل تسارع الأحداث ما بين انكسار داخلي إسرائيلي وتفكك الموقف الدولي واحتدام الهجوم على مؤسسات البنية التحتية في غزة. وللحديث أكثر حول هذه المواضيع استضافت الإعلامية ريم مشيرفي عبر قناة فلسطيننا، الكاتبة والمحللة السياسية وأستاذة العلاقات الدولية الدكتورة تمارا حداد.
بدأت حدادا حوارها فيما يتعلق بتصاعد الخطاب اليميني في إسرائيل، حيث برزت نغمة العودة إلى السيطرة الكاملة على غزة بحكم عسكري، ليس من باب الأمن فحسب، بل كجزء من تصور أوسع لإدارة ما بعد العدوان، حيث أكدت أن هذا التصعيد يأتي في سياق استراتيجي سواء كان على مستوى سياسي أو حتى على مستوى ديني، وشددت أن الإسرائيلي يستخدم مبررات أمنية لتنفيذ مشروعًا سياسيًا، أو بالأحرى مشروعًا دينيًا، تحديدًا في داخل قطاع غزة بالإضافة إلى الضفة الغربية، وأشارت إلى أن استخدام الضغط الإنساني والضغط العسكري حتى يتم تعزيز في ذهنية شعبنا فكرة التهجير الطوعي، لكن في الواقع هو تهجير قسري، لعدم وجود مقومات الحياة في داخل قطاع غزة.
وفي سياق متصل، أكدت حداد أن الهدف الإسرائيلي أصبح أكثر وضوحًا اليوم يريد الأرض دون الشعب، لإعادة السيطرة الأمنية والسياسية والعسكرية، تحت إطار إرادته في تنفيذ المشروع الديني.
وفيما يتعلق بالرأي العام الإسرائيلي، حول استخدام الحرب الراهنة أداة لتطبيع طروحات الحكم العسكري وترويض الرأي العام الإسرائيلي لقبولها كخيار واقعي، علقت حداد أن نتنياهو اليوم في أزمة داخلية، لاسيما بعد الخلافات بينه وبين رونين بار رئيس الشاباك، هذا من جهة، أما الجهة الثانية نتنياهو يريد أن يخفض الاحتجاجات من خلال استخدام رونين بار كوتد درعه، بذريعة تمثيله أمام محاكم الفساد، وجله للهروب إلى الأمام هو الحرب، لأنه يشعر أن الحرب الوحيدة هي التي تنقذه بواقعه السياسي.
وأشارت حداد بناءً على كل ما سبق ذكره، أننا اليوم أمام مخطط طويل الأمد يهدف لتغيير الواقع الديمغرافي والجغرافي في غزة، لأن المشروع الإسرائيلي لا يقتصر فقط على التدمير وإزالة البنية التحتية وقتل المدنيين بل هو تنفذًا لمشروعًا استعماريًا استيطانيًا توسعيًا يرتكز على طرد السكان، وخلق فراغ سكاني، ومن ثم إعادة تشكيل المنطقة ديمغرافيًا بما يخدم رؤيتها الاستراتيجية.
في الختام، أكدت حداد أنَّ الشارع الإسرائيلي بات يعلم أن هذه الحرب هي حرب نتنياهو، حرب من أجل بقائه الشخصي، وليست من أجل الحفاظ على الأمن القومي الإسرائيلي، ووفقًا للمعطيات كافة، شددت حداد أن طالما الحكومة الإسرائيلية متماسكة، وطالما أن بن غفير وسموتريتش والمتدينين والحريديم لم ينسحبوا، فالحكومة صعبة السقوط، إلا إذا انسحب أحد أعضاء الليكود وتحالف مع المعارضة، حينها قد تسقط الحكومة، مما يعني الدعوة إلى انتخابات مبكرة، وبتالي حياة نتنياهو السياسية ستكون في مهب الريح، ولن يعود إلى أي انتخابات مستقبلية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها