نجحت الدبلوماسية الفلسطينية برئاسة الرئيس عباس فيمعركتها ضد سياسة ارهاب الدولة الاسرائيلية المنظم وحليفتها الاستراتيجية الولاياتالمتحدة وبعض الدول الاوروبية.. هذا هو الانتصار في الأمم المتحدة.
ومضى الرئيس ابو مازن غير عابئ بالتهديدات المختلفة،التي وجهت له مباشرة او بطريق غير مباشر، وحقق مع اركان القيادة فوزا مميزا، عندماانتزع شهادة ولادة ثانية للدولة الفلسطينية بعد خمسة وستين عاما على شهادة الميلادالاولى.
وما استوقف المراقب، ليس عدد الدول المؤيدة، لأن المرءكان يتوقع تأييدا اعلى يصل لـ (150) دولة. كما لم تستوقفه الدول التسع الرافضة مشروعالقرار العربي، لانها معروفة سلفا، فبالاضافة لاسرائيل، هناك اميركا وميكرونيزيا وجزرلا احد يعرف ماذا تمثل في السياسة الدولية سوى انها دمى بيد الإدارات الاميركية، وطبعاكندا التي لا تحيد عن سياسة راعي البقر الأميركي. لكن الذي استوقفني عدد من الدول المتحفظة،ومنها بريطانيا والمانيا ودول أوروبا الشرقية، التي لكل منها خلفية خاصة .
مشكلة فلسطين وشعبها مع بريطانيا ليست جديدة، لانهاتمتد منذ زمن الانتداب، الذي تكرس بعد الحرب العالمية الاولى واتفاقية سايكس بيكو البريطانية– الفرنسية 1916، التي قسمت الدول العربية، ثم وعد بلفور وزير خارجية بريطانيا العظمىللحركة الصهيونية باقامة «وطن قومي» لليهود في فلسطين في الثاني من نوفمبر 1917، وتلاذلك السياسات البريطانية المؤصلة للمشروع الصهيوني على حساب الشعب الفلسطيني.
بريطانيا، التي ارتكبت أبشع الجرائم بحق حرية واستقلالوتقرير المصير للشعب الفلسطيني، والتي ناصبت الفلسطينيين والعرب العداء، كان الاجدربها ، ان تلتقط اللحظة السياسية الجديدة لتكفر عن بعض ذنوبها، وتصوت بشكل أوتوماتيكيلصالح اي قرار اممي يدعم حقوق الشعب الفلسطيني! لكنها أبت إلا ان تواصل مسيرتها العدوانيةضد مصالح الشعب الفلسطيني، فامتنعت عن التصويت. وهذا معيب بحق بريطانيا. الامر الذييستدعي من القيادة والشعب الفلسطيني مناصبة بريطانيا الموقف بالمثل.
ولم يكن موقف المانيا أقل بؤسا تجاه مصالح الشعب الفلسطيني.ليس للشعب الفلسطيني ذنب بما ارتكبته المانيا الهتلرية تجاه اليهود الالمان والاوروبيين.ولا يجوز للعقدة الالمانية تجاه "الهولوكوست" ان تبقى سيفا على رأس الشعبالفلسطيني وحقوقه الوطنية. بل ان مسؤولية المانيا، التي ساهمت بقسط أساسي الى جانببريطانيا وباقي اقطاب اوروبا في زرع المشروع الصهيوني الفلسطينية، الانحياز الايجابيلاعادة الاعتبار للحقوق الوطنية الفلسطينية. ولكن المانيا ارتضت، ان تبقى في المستنقعالبريطاني – الاميركي وطبعا الاسرائيلي.
المشكلة، إن جازت تسمية ذلك مشكلة في عملية التصويتلصالح مشروع القرار الفلسطيني، تمثلت في امتناع دول اوروبا الشرقية (بلغاريا، رومانيا،المجر، الجبل الاسود، سلوفينيا، سلوفاكيا، البوسنة والهرسك، بولندا،لاتفيا، مولدافياومقدونيا .. الخ) عن التصويت. هذه الدول جميعها سفارات لفلسطين، بعد اعترافات سابقةبحكم العلاقات التاريخية بين قيادات الدول زمن منظومة الدول الاشتراكية ومنظمة التحريرالفلسطينية.
هذه الدول لم تتعظ من مواقف فرنسا وايطاليا واسبانياوبلجيكا والبرتغال واليونان وغيرها من الدول الاوروبية الغربية، بل بقيت اسيرة عقدةالتبعية للولايات المتحدة، فارتضت ان تكون تابعة لا مقررة في رسم سياساتها الوطنية.وبقيت أسيرة عقدة النقص الملازمة لها. ومازالت تبحث عن استعطاف واسترضاء الولايات المتحدةواسرائيل، لذا خالفت سياساتها التاريخية، وناقضت اعترافها بالدولة الفلسطينية. وهذاموقف غير مقبول وسلبي، ولا ينسجم مع طبيعة العلاقات التاريخية بينها وبين القيادة والشعبالفلسطيني.
رغم مواقف هذه الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة وكندافإن دولة فلسطين باتت راسخة وموجودة في الامم المتحدة، ولها مقعد الدولة 194. وحصدتما يزيد على الثلثين من الاعضاء من الدول الاعضاء في الامم المتحدة . وباءت سياسة الدولالمعادية الضد والمتحفظة بالفشل والهزيمة. انتصرت فلسطين .. وهزمت اميركا واسرائيلوبريطانيا والمانيا ودول اوروبا الشرقية ، التي رخصت مكانتها وباعت سيادتها للسيد الاميركيوالصهيوني، مع ان مصالحها مع العرب وفلسطين في المقدمة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها