هل نحتاج المال لإغاثة واعمار غزة، أم لإرادة سياسية وطنية واحدة، وبرنامج سياسي يوظف الاعمار لصالح بناء ركائز الدولة ؟!
نحن على يقين بحاجتنا الماسة الى انضمام كل القوى الفلسطينية ذات المنهج الوطني، والتي لم تكف عن الادعاء يوما أنها جزء من حركة التحرر الوطنية الفلسطينية فعلا لا دعائيا أو إعلاميا، فالاعمار يحتاج لمنهج سياسي، منسجم مع الطموحات والأهداف المرحلية والاستراتيجية للشعب الفلسطيني، وبما ان الغالبية العظمى من شعبنا اختارت الحل السياسي عبر ميدان المعركة القانونية مع دولة الاحتلال كسبيل لتحقيق هدف قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران بعاصمتها القدس الشرقية، وبما أن كل القوى الفلسطينية بما فيها حماس والجهاد الإسلامي إلى جانب القوى في منظمة التحرير الفلسطينية متفقة على تحقيق هذا الهدف، فان الاعمار يتطلب عهدا مع الشعب بألا يأخذ أي طرف فلسطيني قضية المواجهة المسلحة أو السياسية مع دولة الاحتلال بقرار منفرد، فمصير ومستقبل الشعب الفلسطيني أعظم من أن يحدده تنظيم أو فصيل، أو تيار بعينه، خاصة وأننا على مشارف معركة مصيرية، نستخدم فيها أدوات وأسلحة إستراتيجية جديدة غير نارية وغير معهودة، لن نبلغ بها انتصارا ما او أهدافا وطنية شاملة إلا إن تحررت حماس والقوى الفلسطينية الأخرى من نزعة احتكار وحدانية التمثيل السياسي تحت ضغط السلاح والقوة العسكرية التي تملكها فصائل فلسطينية، التي تحاول من خلال المواجهة المدمرة مع دولة الاحتلال، توظيف مصطلح المقاومة لتحقيق مكاسب حزبية ضيقة لا علاقة مباشرة لها بقضية التحرير أو قيام دولة فلسطينية مستقلة.
قد نحصل على المال من دول قادرة على دفعه لإعادة اعمار قطاع غزة، لكن يجب أن نكون مهيئين للإصغاء لطلبات هذه الدول، ومستعدين لدفع استحقاقات إعادة الاعمار التي سيكون سقفها الالتزام بالبرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، الذي يرتكز عليه الرئيس أبو مازن في قيادة المعركة الفلسطينية الوطنية القانونية مع دولة الاحتلال، وأرضيتها الالتزام بقانون السلطة الوطنية، ومبادئ الدولة، من حيث وحدانية النظام السياسي، والسلطة والسلاح، ما يعني وحدانية القرار المصيري للشعب قاطبة.
سيضعنا العالم تحت مجهر المراقبة الدقيقة لحركتنا السياسية على الصعيدين الداخلي والخارجي، كما سيحاول التأكد مع كل مليون دولار يضخه الى غزة أننا باتجاه تحقيق الأهداف العليا عملية الاعمار والتي نراها من زاويتنا مرتبطة بالمصالح العليا للشعب الفلسطيني، فنحن كشعب نسعى للحياة والبناء والاستقلال، ونرفض الموت العبثي والدمار نسعى للحرية والاستقلال وفق حقوقنا المعترف بها من الشرعية الدولية، ونفكر جديا بالتعايش السلمي مع كل دول الجوار العربية اولا، وإسرائيل كذلك إن أقرت بحقنا في قيام دولتنا المستقلة، ومن يظن بقدرته على مراوغة دول العالم التي ستتكفل بإعادة الاعمار، ومخادعتها فانه سيستدرج دمارا من نوع آخر للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني، وعندها سيخسر شعبنا ضحايا الحروب السابقة، ونخسر ثقة حكومات العالم التي كافح الرئيس ابو مازن لإقناعها بأحقية شعبنا وجدارته بدولة مستقلة تعيش في كنف السلام واحترام تعهداتها والتزاماتها حسب القانون الدولي. فليس بالاسمنت وحده يتم الاعمار.
الاعمار.. بالاسمنت أم بالسياسة ؟!: بقلم موفق مطر
12-10-2014
مشاهدة: 768
موفّق مطر
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها