اليوم الاحد ينعقد مؤتمر إعادة الاعمار لما دمرته حروب إسرائيل الثلاث، خاصة الاخيرة، التي احدثت زلزالا غير مسبوق في محافظات الجنوب خلال الواحد وخمسين يوما زمن الحرب الوحشية. الحرب التي القت بما يزيد عن خمسين الف طن من المتفجرات والاسلحة الجرثومية والفسفورية الممنوعة دوليا، بمعدل الف طن يوميا على الاقل، ودمرت ما يزيد على ثلاثين الف منزل بين تدمير جزئي وكلي، والقت بما يزيد مئة وخمسين الف مواطن إلى العراء، واختطفت ارواح حوالي 2500 مواطن من الاطفال والنساء والشيوخ، وما يزيد على عشرة الاف جريح.
جاء المؤتمر بدعوة مصرية نرويجية وفلسطينية، ويدير الجلسات سبع دول ومنظمات اممية اساسية مثل الامم المتحدة والبنك وصندوق النقد الدوليين وغيرها، ويحضره ثمانون دولة ومنظمة اممية، ويشارك فيه ثلاثون وزير خارجية بما فيهم جون كيري، وزير خارجية الولايات المتحدة، وباقي وزراء خارجية اقطاب "الرباعية" لشعور دول العالم، ان دولة التطهير العرقي الاسرائيلية ارتكبت ابشع جرائم العصر ضد ابناء الشعب الفلسطيني، او كما وصفها الرئيس ابو مازن في كلمته في الامم المتحدة: إنها حرب إبادة. 
مؤتمر إعادة الاعمار المنعقد اليوم في القاهرة، لم يكن الاول، الذي يعقد لهذه الغاية، فقد عقد في آذار 2009 مؤتمر في شرم الشيخ المصرية، وقرر رصد ما يزيد على أربعة مليارات ونصف المليار دولار لاعادة إعمار ما دمرته حرب إسرائيل نهاية 2008 ومطلع 2009 في قطاع غزة، غير ان سياسات حركة حماس حالت دون تنفيذ الاعمار آنذاك، مع ان المبلغ المرصود وصل الى مليار وثمانمئة مليون. 
ووفق تقديرات حكومة التوافق الوطني لنتائج حرب الابادة الاسرائيلية، فإن المبلغ المطلوب لاعادة الاعمار يصل إلى اربعة مليارات دولار اميركي، وتراهن القيادة الفلسطينية على تكفل الدول المشاركة بالمؤتمر بتأمين المبلغ المرصود. لكن الولايات المتحدة الاميركية، ارسلت رسالة واضحة للفلسطينيين جميعا وللدول المشاركة على حد سواء، اولا للفلسطينيين، الا يتفاءلوا كثيرا بالحصول على المبلغ المذكور؛ وثانيا للدول المشاركة، ان تقلص للحد الاقصى من استعداداتها بالالتزام تجاه إعادة الاعمار. وكأن الادارة الاميركية، تريد ان تعاقب القيادة على خيارها بالتوجه لمجلس الامن لمطالبة الشرعية الدولية بتحمل مسؤولياتها لازالة الاحتلال الاسرائيلي عن اراضي الدولة الفلسطينية المحتلة عام 1967، وايضا للي ذراعها فيما لو حاولت التوجه للانضمام للمنظمات الاممية الـ 522 بما فيها معاهدة روما. 
كما ان إدارة اوباما تريد ان تشير بشكل غير مباشر الى ان الجهد الاساسي الان منصب على "مواجهة داعش"، وبالتالي الاموال العربية والاممية يفترض ان تتجه لتمويل حرب اميركا على ما يسمى "داعش" وغيرها من المنظمات التكفيرية، التي أصلت لوجودها في المنطقة بهدف تمزيقها وشرذمة دولها، تنفيذا لمخططها الشرق اوسطي الجديد. 
ومن زاوية اخرى، تريد ان تعفي نفسها وحليفتها الاستراتيجية دولة الارهاب المنظم الاسرائيلية من تحمل المسؤولية عما اصاب مدن وبلدات وقرى محافظات الجنوب الفلسطينية من دمار وخراب متعمد ومنهجي. لا سيما انها تتحمل مسؤولية مباشرة عما جرى، لانها تواطأت مع القيادة الاسرائيلية، ولم تستخدم نفوذها لوقف جرائم الحرب الاسرائيلية، ولم تسمح للشرعية الدولية وخاصة مجلس الامن من اتخاذ قرار اممي ملزم بوقف الحرب على قطاع غزة. وبالتالي بدل ان تطالب مع باقي الدول والاقطاب دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية من تحمل كافة تكاليف عملية اعادة الاعمار، تعمل على الحد من التزامات دول العالم المطلوبة منها تجاه عملية الاعمار، والتغطية على إسرائيل في آن. 
مع ذلك يبقى الرهان على الاشقاء والاصدقاء على الالتزام بما يحتاجه إعادة إعمار قطاع غزة، والحؤول دون قيام إسرائيل الارهابية بأية حروب جديدة، ورفع الصوت مقرون بعقوبات شتى إن لم تنسحب إسرائيل من اراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967 بما فيها العاصمة القدس الشرقية. لان ازالة الاحتلال، هو الحل الامثل لوقف الحروب ودورة الارهاب والعنف الاسرائيلي.