في خطابه امام الدورة ال 67 للجمعية العامة للامم المتحدة لم يتوقف بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل امام عملية السلام، انما مر لماما، وفيما قاله من النذر اليسير، عاد لاسطوانته المشروخة بالحديث عن المفاوضات من اجل المفاوضات، كونه لم يربطها بمرجعيات التسوية وقرارات الشرعية الدولية، كما لم يشر من بعيد او قريب للاستعداد المبدئي لوقف الاستيطان، مع ان الرئيس محمود عباس، الذي القى قبله خطابه، توقف طويلا امام الانتهاكات الخطيرة, التي نفذها قطعان المستوطنين وسلطات الاحتلال والعدوان الاسرائيلية، وحذر دول العالم والمنظمة الاممية من الاخطار المحدقة بالشعب والقضية الفلسطينية جراء تلك الجرائم. غير ان رئيس وزراء إسرائيل اغلق اذنيه، ولم يعر اهتماما للتسوية السياسية.
جُّل خطاب رئيس حكومة اقصى اليمين تركز على الملف النووي الايراني. حتى انه قام بشكل كاريكاتيري باحضار قلم احمر عريض ونموذج عن قنبلة مرسومة على لوحة، وحاول ان يعيد ما فعله كولن باول، وزير خارجية اميركا امام مجلس الأمن عشية شن الحرب على العراق الشقيق، عندما عرض صورا مزورة، ادعى فيها آنذاك وجود "اسلحة دمار شامل" ؟!
كان تصرف نتنياهو امام الجمعية العامة شكلا من اشكال المنودراما الهزلية لاكثر من اعتبار: اولا: لا يجوز لاسرائيل الحديث من قريب او بعيد عن اخطار الاسلحة النووية، وهي اول دولة في الشرق الاوسط منتجة للاسلحة ذاتها؛ ثانيا شكلت منذ قيامها على انقاض الشعب العربي الفلسطيني في العام 1948 تهديدا مستمرا للسلام في المنطقة والعالم؛ ثالثا رفضت وترفض دولة الابرتهايد الاسرائيلية الانضمام للمنظمات الاممية ذات الصلة وخاصة الوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ وبالتالي الرواية الاسرائيلية ليست افضل حالا من رواية باول، الذي اعترف لاحقا، انه خدع وضُّلل من قبل ال CIA وصقور الحرب من المتصهينين في الحزب الجمهوري، والايباك الصهيوني وحكومة إسرائيل بقيادة أرئيل شارون آنذاك.
ما تقدم، لا يعني ان المرء يوافق على إنتاج جمهورية إيران الاسلامية او غيرها من دول المنطقة الاسلحة النووية، لان في ذلك تهديدا للسلم الاقليمي والعالمي. ولكن بالمقابل لا يجوز لاسرائيل ولا للولايات المتحدة، اول دولة في العالم انتجت واستخدمت القنبلة الذرية ضد اليابان في الحرب العالمية الثانية، الحديث عن اخطار التسلح النووي، وحرمان الدول الاخرى من الدفاع عن نفسها بالوسائل، التي تراها مناسبة.
خطاب نتنياهو, كان سطحيا وسخيفا ولا يرقى لمستوى المسؤولية تجاه الشعب الاسرائيلي ولا تجاه شعوب المنطقة والعالم. لان الهم الأول والأخير لاسرائيل الحؤول دون نهوض دول المنطقة العربية والاقليم الشرق اوسطي الكبير, والعمل على تقليم أظافر اي دولة في الاقليم، وتعميق التناقضات في نسيجها الوطني والاجتماعي، تمهيدا لاعادة تقسيم دول المنطقة والاقليم على حد سواء، واقامة الشرق الأوسط الكبير لتقف دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية على رأسه لنهب ثروات شعوب المنطقة والاقليم وفي مقدمتها النفط وعائداته.
ومع ان الخطاب الاسرائيلي اوحى بان الحكومة الاسرائيلية قد تؤجل موعد الحرب للربيع القادم (2013) لكن المراقب لسياق تطور الاحداث في المنطقة, يعتقد ان الحرب باتت قريبة جداً، وقد لا تتجاوز الشهور القليلة المتبقية من هذا العام. والخلط المتعمد للمواقف الاسرائيلية ? الاميركية يزيد الاعتقاد باقتراب شن الحرب على الجمهورية الايرانية، والتي قد تتسع دائرتها لتشمل دول المنطقة لبنان وجبهة غزة إضافة الى دول الخليج العربي وبالضرورة ستمتد لعمليات واسعة في سوريا للسيطرة على الاسلحة الكيمياوية والصواريخ بعيدة المدى.
بالامس مرت الذكرى الثانية والاربعون لرحيل زعيم الامة الخالد جمال عبد الناصر، الذي تفتقده شعوب الامة العربية عموما وشعبا مصر وفلسطين خصوصا. رحم الله زعيم الامة. وعوضها بزعماء تخرجها من محنتها التاريخية، لا سيما وان اللحظة التاريخية تحتاج الى زعماء من نوع آخر، قادرة على بناء الدول المدنية, دول المواطنة والتنمية المستدامة.
كما مرت بالامس الذكرى الثانية عشرة لانتفاضة الاقصى 2000- 2005، التي على ما حملته من انجازات وطنية، حملت اعباء ثقيلة على الشعب والقيادة الوطنية. وانتجت مظاهر سلبية في المجتمع الفلسطيني، فضلا عن انها احيت العظام بعد ان كانت رميما، وكرست قوى هددت المشروع الوطني؛
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها