يحتدم الصراع بين العديد من اقطاب حركة حماس على خلافة السيد خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي للحركة، الذي حسم موقفه بشكل قاطع في زيارته الاخيرة للقاهرة الاسبوع الماضي بترك موقعه. رغم تدخل مكتب الارشاد الاخواني مع ابو الوليد، والرئيس المصري محمد مرسي، الذي التقى مشعل سراً.

خطوة رئيس المكتب السياسي للحركة، لم تأتِ من فراغ، او لانه زاهد في مواصلة تولي مركز القرار، ولا هي رغبة منه في تجديد دماء الشباب في قيادة الحركة، انما جاءت خطوته استياءاً من الحملة الشرسة، التي شنها اقليم قطاع غزة عليه، والتي بدأها الدكتور محمود الزهار في اعقاب توقيع حركة حماس على ورقة المصالحة المصرية، وتتويجها في الرابع من مايو / ايار 2011في مقر المخابرات المصرية العامة، وإبداء ابو الوليد المرونة الايجابية والتوافق مع ما ذهب اليه الرئيس محمود عباس آنذاك، عندما اكد على المضي قدما في خيار المفاوضات، واعطاءها مساحة زمنية مقدارها عام. ثم تصاعدت الحملة بعد التوقيع على اعلان الدوحة، الذي رعاه امير قطر بين الرئيس ابو مازن وخالد مشعل. وانتقلت الى المنابر الاعلامية.

خالد مشعل ضاق ذرعا من الاساءات المتواصلة من قبل قادة الانقلاب في غزة، الذين اعمتهم "سلطة الامارة"، وتجارة الانفاق، ومد الجسور مع الدول العربية وايران الاسلامية وتركيا. فضلا عن الادعاء، انهم، هم من دفعوا الثمن الغالي من "التضحيات"، وبالتالي "المنطق" يفرض حصولهم على حصة الاسد في مواقع القرار، وخاصة رئاسة المكتب السياسي. ونسيّوا جميعا في غزة، ان السيد خالد مشعل تعرض للتسميم ولولا تدخل الملك حسين مع الاسرائيليين، ومطالبتهم باحضار الترياق (المصل ) المضاد للسم ،الذي ادخلوه لجسده، لكان الآن في عداد الاموات. وليس دفاعا عن خالد مشعل، بقدر ما هو انصاف له وللحقيقة، حيث تمكن بسرعة من تعلم السباحة في مياه العلاقات العربية والاشسلامية والدولية، وحقق للحركة موطىء قدم في العديد من المواقع. كما انه لعب دورا ايجابيا في مجال المصالحة، غير ان مافيات الانقلاب في غزة اوصدوا الابواب امامه وامام المصالحة الوطنية.  

ومن خلال الاطلالة على لوحة الصراعات الداخلية بين الاقطاب المتنافسين، فإن القراءة الموضوعية تشير الى إمكانية استعادة موسى ابو مرزوق رئاسة المكتب السياسي. لا سيما وانه كان الرئيس السابق للمكتب السياسي، ولكن اعتقال الولايات المتحدة له لمدة عامين، دفعت بالسيد ابو الوليد لتبوأ المكانة منذ العام 1996؛ كما ان اقطاب غزة وفي مقدمتهم محمود الزهار، الذي يفترض في نفسه "الاهلية" التاريخية والتنظيمية والسياسية للتربع على رئاسة المكتب السياسي، اعلن ذات مرة، انه يقبل باستلام موسى ابو مرزوق الموقع، لانه اقدم منه تنظيميا في حركة الاخوان المسلمين – فلسطين؛ ايضا يقبل اسماعيل هنية على مضض هذا التوجه، مع انه شعر باحقيته لتولي رئاسة المكتب السياسي في اعقاب الانتخابات الاخيرة في غزة للحركة، التي منحته الموقع الاول على منافسيه وفي مقدمتهم محمود الزهار وعماد العلمي وخليل الحية ونزار عوض الله، اضف الى ان جماعة اقليم غزة، يعتبروا ان موسى ابو مرزوق محسوب عليهم، وهم محسوبون عليه، لانه من ابناء القطاع؛ فضلا عن ،ان مكتب الارشاد العام لحركة الاخوان المسلمين في مصر مع تسلم ابو عمر مركز القرار، وايضا الرئيس الدكتور مرسي، يدعم هذا التوجه، لانه وموسى ابو مرزوق كانا زملاء في الولايات المتحدة. بالاضافة الى ان ابو عمر استفاد من تجربة العمل في الخارج، ولديه علاقات ايجابية مع الاوساط العربية والاسلامية. كما ان القطاع الاعظم من قيادة حركة حماس مع خيار، ان يكون رئيس المكتب السياسي من الخارج، ليتمكن من التحرك بحرية مع الجهات المختلفة. 

والحديث عن بروز اسم صالح العاروري في ميدان المنافسة على مركز القرار، على اهمية ذلك في مجال المنافسة، فإن النظرة الواقعية على المشهد داخل اروقة حركة حماس، تشير بشكل واضح الى تقدم موسى ابو مرزوق على الشيخ صالح ، المقيم في تركيا للاعتبارات السابقة؛ وللاعتقاد بان نزول العاروري مجال المنافسة، قد يكون في احد دوافعه، قطع الطريق على المتضخمين في قطاع غزة، الذين اعمتهم سلطة الامارة عن رؤية الواقع والمصالح التنظيمية والاخوانية والوطنية. كما ان ما اشار له اسامة حمدان مؤخرا مع الجزيرة، يشكل عامل اضافي لنزول العاروري، حيث اكد حمدان، ان غزة لا تشكل سوى 1,7% من ثقل الحركة والشارع (بغض النظر عن التوافق او عدمه مع حمدان في هذا الجانب) وبالتالي لا يجوز لاقليم غزة التعالي على مكانة الحركة واقاليمها الاخرى : الشتات والضفة الفلسطينية، ، لان المعركة لا تتجزأ، ولا تنحصر في المواجهات وعدد الشهداء، الذين كانت قيادة القسام تدفعهم دفعا للاستشهاد لتعد ارقاما على الشعب، كمقدمة لسحب البساط من تحت اقدام القيادة الشرعية، ولان حماس استعملت المقاومة لاهداف واغراض فئوية صغيرة، وليس لاعتبارات وطنية. المهم لهذه الاسباب كان من الضروري تقديم اكثر من مرشح من الخارج لقطع الطريق على اقليم غزة ونزعاته غير الايجابية في معركة رئاسة المكتب السياسي.

قد لا يكون المرء مبالغا او متهورا ، إن قدم التبريكات منذ الان للسيد موسى ابو مرزوق في توليه لاحقا موقع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، ولا يملك المرء إلآ ان يتمنى على السيد ابو عمر، الذي بات يرابط في جمهورية مصر العربية، وامسى البيت الذي يقيم فيه، مكتب الحركة في مصر، ان يستعد لدفع عربة المصالحة للامام ، خاصة وانه كان احد العرابين لحورات المصالحة مع توأمه الاخ عزام الاحمد، ممثل حركة فتح.