القى الرئيس محمود عباس بالامس الخميس كلمة فلسطين امام الدورة ال 67 للجمعية العامة للامم المتحدة. الخطاب الجديد لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية, كان بمثابة تأكيد على الثوابت الوطنية في حق العودة وتقرير المصير واقامة الدولة المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967، وحق الشعب الفلسطيني في المقاومة الشعبية لحماية حقوقه.

كما ان الخطاب حذر الرأي العام العالمي والدول الاعضاء في الامم المتحدة من مخاطر نكبة جديدة، استمرارا لنكبة العام 1948. وحرص الرئيس على لفت نظر دول العالم الى الاخطار المحدقة بالشعب الفلسطيني ومصالحه العليا نتاج سياسات وجرائم دولة التطهير العرقي الاسرائيلية وقطعان المستوطنين، الذين عاثوا فسادا، وارتكبوا (535) عدوانا خلال العام المنصرم ضد ابناء الشعب الفلسطيني، وضد اماكن العبادة الاسلامية والمسيحية، وضد كل ما يخص المواطن الفلسطيني إما بالحرق او اقتلاع للمزروعات وخاصة تقطيع اشجار الزيتون، ووسائل النقل والبيوت، فضلا عن مصادرة وتهويد الاراضي واعلان العطاءات المتواصلة لبناء الاف الوحدات الاستيطانية، اضف لذلك ما يجري بشكل متسارع وغير مسبوق من تغيير معالم القدس الشرقية الجغرافية والديمغرافية والثقافية والدينية ? التراثية... الخ

واكد ابو مازن ان السياسات الاسرائيلية تبدد خيار السلام وحل الدولتين للشعبين على حدود الرابع من حزيران 67، ورغم ذلك ابلغ العالم اجمع، ان لا وطن للفلسطينيين سوى فلسطين. ولن يغادر الشعب ارض وطنه مهما كانت التضحيات. كما اكد على تمسك الاجيال الفلسطينية الجديدة، حتى التي لم تعش في فلسطين، ولم تعش النكبة عام 1948 بفلسطين الوطن والهوية والانتماء، ولا يمكن لهذه الاجيال التخلي عن رواية الاباء والاجداد، ولا عن الحقوق الوطنية الثابته، التي اشار الرئيس الى ان كل بقعة في فلسطين التاريخية تشهد على الرواية والشخصية الوطنية الفلسطينية العربية.

خطاب الرئيس، كان بمثابة إنذار أخير لدول العالم على ما يمكن أن يحدث على الارض الفلسطينية المحتلة عام 1967 في حال واصل العالم صمته المريب، ولم يدفع بقوة عملية السلام . لقد دق رئيس الشعب الفلسطيني ناقوس الخطر، وطالب العالم بالارتقاء الى مستوى المسؤولية في دعم خيار الشعب الفلسطيني للحصول على دولة وطنية مستقلة وذات سيادة على حدود 67. لان هذا الخيار هو وحده، الذي يضمن السلام والتعايش، واخراج المنطقة من بوتقة العنف والحرب.

كان خطاب الرئيس محمود عباس قويا بقوة وعدالة القضية الفلسطينية. في حين جاء خطاب نتنياهو باهتا, لم يتوقف امام السلام والتسوية، بل انه تهرب من الاجابة على الانذار، الذي القى به الرئيس امام العالم، ولم يتوقف امام التحذير من اخطار النكبة الجديدة، التي قد تطال الشعب الفلسطيني في حال لم يتحرك العالم، وهرب رئيس وزراء إسرائيل الى الملف النووي الايراني للتحريض على الحرب.

نجح عباس في إيصال الرسالة الوطنية للعالم من خلال عمليات التصفيق، التي حظي بها الخطاب الفلسطيني. لكن قيمة هذا التصفيق والتفهم للخطاب، تتمثل بتبني العالم الموقف الداعم لدعم عضوية فلسطين غير الكاملة في الامم المتحدة، ودعم اقامة الدولة المستقلة للفلسطينيين، والقطع كليا مع سياسة المفاوضات العبثية الاسرائيلية المرتبطة بمخطط التهويد ومصادرة الاراضي وتبديد التسوية السياسية.

الرئيس ابو مازن في خطابه اشار بشكل قاطع للعالم, ان المسار السياسي الفلسطيني ? الاسرائيلي دخل منعطفا نوعيا، وهناك قطع مع المرحلة السابقة، مرحلة اوسلو، التي شيعتها دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلي منذ زمن بعيد. واذا اراد العالم الانسجام مع قرارات الشرعية الدولية ومرجعيات التسوية عليه الدعم القوي للحقوق الوطنية الفلسطينية وعنوانها الابرز إقامة الدولة المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967، وإلا فلا خيار سوى خيار الدولة الواحدة..