في ظل العدوان الهمجي للاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، وتحت عباءة التستر وراء الحرب على الإرهاب، والإفراج عن الرهائن الإسرائيليين لدى حركة حماس، يشن هذا الاحتلال عدوانًا شرسًا على مستشفيات قطاع غزة، والحركة الطبية الإنسانية في القطاع. لقد كانت الصدمة عالية جدًا عند استهداف القطاع الطبي الفلسطيني في غزة، بدءًا من مستشفى الشفاء منذ بدء هذه الهجمة العدوانية على الفلسطينين في القطاع في أكتوبر 2023 ومرورًا باستهداف باقي المشافي والمراكز الطبية في القطاع. وجه الاحتلال الإسرائيلي اتهاماته بأن المشافي في غزة، هي مقرات لحركة حماس، وتارة أخرى وجهت الاتهام بأن حماس تقيم الانفاق تحت المشافي وكانت قيادات حماس تقيم في هذه الأنفاق أثناء شن الهجمات الإسرائيلية على القطاع. وعملت إسرائيل جُلَّ ما تستطيع وأقامت الحفريات وقامت بالتفتيش في المشافي ليثبت عدم وجود أي من هذه الادعاءات في تلك المشافي.
يترسخ في أذهان العالم أن المشافي، هي مراكز آمنة وأنها محمية من القانون الدولي الإنساني، وهذه المشافي تقدم العلاج لكل المحتاجين. إذا تمركز حول المشافي أعداد كبيرة تعد بالآلاف من المواطنين الذين باتوا ينشدون الأمن والأمان من ويلات الحرب. ولكن تحت ذريعة أن حركة حماس تختبئ في هذه المشافي هاجمت قوات الاحتلال المشافي وأوقعت خسائر بشرية فادحة، وقامت بتعريض المرضى إلى الخطر الشديد الذي مس حياة البعض منهم. لقد تحلت الطواقم الطبية الفلسطينية بالشجاعة منقطعة النظير أمام همجية العدوان وهذا الجحيم الذي تواجهه المشافي والمراكز الطبية الفلسطينية في قطاع غزة.
المجازر التي تعرضت لها المشافي تعتبر سابقة في التاريخ، أودت بحياة الآلاف من المواطنين النزلاء الذين يتلقون العلاج، وهؤلاء الذين اتخذوا من المشافي مراكز إيواء للاحتماء من جحيم الحرب التي يشنها الاحتلال على غزة. لقد كانت المجازر في مشفى المعمداني، ومشفى الشفاء، وكمال عدوان والمشافي الأخرى، جريمة بشعة وجريمة حرب ضد الإنسانية والتي تتطلب التدخل العاجل من المنظومة الدولية التي تعني بالرعاية الصحية، لأن هذه الحرب استهدفت الرعاية الصحية في القطاع وأصابتها بالعجز والشلل.
يعتبر استهداف المشافي والمنظومة الصحية والتي باتت تعاني من الشلل التام استكمالاً لسقوط المنظومة الحياتية والتي تم استهدافها من قبل الاحتلال الإسرائيلي لخلق بيئة طاردة للحياة في قطاع غزة.
إن استمرار المذبحة التي يمارسها الاحتلال ضد المدنيين الفلسطينيين، وكذلك خلق بيئة طاردة للحياة في غزة، ما كانت لتكون لولا أن الاحتلال يعتبر نفسه خارج دائرة العقاب وأنه آمن من الحساب على كل الجرائم التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني. استمرار الجرائم بحق الشعب الفلسطيني بات رصيدًا إضافيًا للاحتلال الاسرائيلي، فقيامه بحرق وتدمير هذه المرافق واستهداف الطواقم الطبية والخدمات المساندة الصحية الأخرى، لا يمكن وصفه إلا بالهمجية التي يتحلى بها في احتلاله لقطاع غزة، والمطلوب من المجتمع الدولي أن يبدي موقفًا من بقايا الإنسانية وأن لا يقف عاجزًا متفرجًا أمام تلك المذابح الإنسانية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها