هناك إجماع دولي باستثناء الدول الداعمة للاحتلال الإسرائيلي على أنّ "إسرائيل" ترتكب إبادة جماعية في غزة، فقد خلصت منظمة العفو الدولية بعد تحقيق أجرته إلى أنّ "إسرائيل ارتكبت وما زالت ترتكب جرائم إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة المحتل". وبعد بضعة أيام، صرّح المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان أنّه بعد البحث والتحليل، خلص إلى أنّ "هناك حجة قانونية سليمة مفادها أن إسرائيل ترتكب جرائم إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة".
وقد كشفت صحفية "هآرتس" العبرية، عن اعترافات جنود في جيش الاحتلال الإسرائيلي بشأن قتلهم مدنيين فلسطينيين في القطاع، ثم تصنيفهم إرهابيين، وعلى الرغم من هذه الحقيقة التي لا يمكن لكل دول العالم أن تتجاهلها وتتغاضى عنها وباتت أكبر من أن تتستر عليها صحافة وإعلام إسرائيل وحتى أكبر من تغاضي الصحافة الأميركية والغربية عن طمس حقيقة جرائم الإبادة والتي لم تعد خافية على أحد، وعليه لا يوجد أي عذر يمكن أن يبرر قتل ما يقارب "46206" ألف فلسطيني، أغلبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة 107512 ألف آخرين، فيما ما زال أكثر من 10000 مواطن في عداد المفقودين، منذ السابع من أكتوبر 2023، إلا حرب إبادة جماعية على قطاع غزة ضد المدنيين، لإخلائها من أي وجود فلسطيني ضمن مخطط التهويد والتهجير القسري والطوعي للفلسطينيين وعلى مرأى من العالم
هذه الحقيقية البشعة لطالما حذرت منها محافل ومنظمات دولية، ومن بينها منظمة "أطباء بلا حدود" التي وجهت اتهامات إلى الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب جرائم التطهير العرقي في قطاع غزة. وقال أمين عام المنظمة كريستوفر لوكيير بصريح العبارة: "إننا نشهد علامات واضحة على التطهير العرقي، بحيث يتم تهجير الفلسطينيين قسراً، وحصارهم وقصفهم".
الحرب وتبعاتها كانت في صلب التحقيق من قبل محكمة الجنايات الدولية، ورغم كل النفوذ الأميركي والغربي والصهيوني في العالم، إلا أنها لم تلتزم الصمت إزاء ما يجري في غزة، وأصدرت مذكرتي اعتقال بحق رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير حربه السابق يوآف غالانت، لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة.
كلّ هذه القرارات والأحكام، جميعها تقر بأن إسرائيل في حربها على غزة تشكل انتهاكاً للقانون الدولي. إضافة إلى هذه الأحكام يتم الإشارة إلى لجنة الحقوقيين الدولية والأمم المتحدة في إدانة حرب "إسرائيل". والآن أصبحت "إسرائيل" ورئيسها، وفقاً للمحاكم ومنظّمات حقوق الإنسان التي تشكّل السلطات القانونية والأخلاقية في العالم، خارجين على القانون.
الأحكام والقرارات والتدابير المقترحة تبقى شكلية ما لم يكن هناك تحرّك فعلي منقذ لهذه القرارات، متبوعة بإجراءات تطبيقها تحت بند الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، ولكن بكل أسف فإن الولايات المتحدة مستمرة في الدفاع عن "إسرائيل" ضدّ الإجماع العالمي الناشئ ومستمرة في تسليحها. ويستخدم مؤيّدون آخرون لغة الثغرات والألغاز التي اعتدنا عليها منذ بداية الحرب. فقد علّقت بريطانيا جزءاً صغيراً من صادراتها من الأسلحة، لكنها تصرّ على أنها تظلّ "حليفاً قوياً" لـ "إسرائيل" وأنها ستظلّ تتعاون مع نتنياهو، ولكنها ستظلّ تمتثل بطريقة أو بأخرى لالتزاماتها القانونية. وتوصّلت فرنسا إلى قراءة قانونية مثيرة للإعجاب، حيث ذكرت أن نتنياهو يتمتع في الواقع بالحصانة لأنّ "إسرائيل" لم توقّع على اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية، وللمفارقة أنّ هذه القراءة هي التي من شأنها أيضاً أن تجعل الحصانة تمتدّ إلى العديد من زعماء الدول.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها