يعمل بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الصهيونية الدينية لدى منظومة الاحتلال الصهيونية العنصرية على المراوغة، في ملف صفقة الأسرى، حتى بلوغ يوم تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي توعد حماس بجحيم إذا لم تطلق الرهائن قبل العشرين من كانون الثاني الحالي، أما جماعة حماس فمن المؤكد أن الذي يعنيهم أولاً، ضمان أمن وسلامة قياداتهم، وحجم وقيمة الثمن المزدوج الذي سيقبضونه مقابل إتمام الصفقة، الأول: الحصول على ضمانات باستمرار تدفق المال على الجماعة، وفك الحظر على حسابات قياداتها، أما الآخر: ضمان استمرار حماس بالسيطرة على قطاع غزة، بشكل أو بآخر وتحت مسميات مبتدعة، في اليوم التالي لانتهاء الحرب، ولا نستبعد تفاوض جماعة حماس على إدخالهم الحديقة الدولية – من بوابات خلفية – لأنه لا يعقل حسب وجهة نظرهم، خروج حماس من اللعبة التي دخلتها، بناءً على قرار جماعة الإخوان المسلمين، وبموافقة صناع "الفوضى الخلاقة" الأميركية، بلا مكاسب سلطوية، ذلك أن السياسية يستحيل تحصيلها، لأن سياسة قيادة حماس، كانت كارثة على الشعب الفلسطيني، وحركة التحرر الوطنية الفلسطينية، ومتعارضة مع المصالح العليا للشعب الفلسطيني، والبرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وضاربة لوحدانية وشرعية تمثيل المنظمة حصرًا للشعب الفلسطيني.
وقد يكون صحيحًا أن قادة حماس مصممون على قائمة معينة من الأسرى الفلسطينيين، ويشترطون أرقامًا، وأسماء محددة، يرون فيها، إمكانية لتحقيق اختراق – ولو بسيط - في جبهة مشاعر الشارع الفلسطيني، فأمام فظاعة الإبادة والمحرقة والكارثة والنكبة، منذ السابع من أكتوبر 2023، التي حلت بالشعب الفلسطيني، وإحراقهم منهج الواقعية السياسية، وبصيرتهم الكفيفة عن رؤية المصالح العليا الفلسطينية، لم يعد بإمكانهم التراجع، خاصة وأنهم في كل محطات التفاوض "غير المباشر" مع الأطراف التي تمثل جانب دولة الاحتلال "إسرائيل" لم يظهروا أدنى حرص على أرواح ودماء ومصير الشعب الفلسطيني، ففسرها المجرمون ساسة وجنرالات الموساد والشاباك وقادة جيش الاحتلال، كفرصة وذريعة مناسبة للاستمرار، بحملة الإبادة، وتدمير غزة، وإعادة تشكيل الاستعمار الاستيطاني، ليس في قطاع غزة وحسب، بل في فلسطين التاريخية، بما فيها الضفة الغربية، ودول عربية مجاورة، والواقع في جنوب لبنان، وسوريا اليوم أوضح دليل.
لم يدرك قادة حماس موقع "بروتوكول هانيبال" في الفلسفة العسكرية لجيش منظومة الاحتلال "إسرائيل" وظنوا أن الأمر هذه المرة سيختلف، نظرًا لوجود نساء وأطفال رهائن، إلى جانب جنود وضباط من رتب وتخصصات متنوعة، فهذا البروتوكول يقضي بقتل المأسورين من الجيش الإسرائيلي مع آسريهم إذا اقتضى الأمر، حتى لا يشكلوا نقطة ضعف "كملف وقضية" للجيش وحكومته فيما بعد. كما أن قادة حماس لم يدركوا أن "إسرائيل" قد تجاوزت موضوع الحروب القصيرة الأمد، وأنها باتت قادرة على شن حروب طويلة الأمد وعلى جبهات تفوق التقليدية الثلاث السابقة، لتصبح حسب منطوق نتنياهو سبع جبهات، بفضل الدعم العسكري والسياسي اللامحدود، من واشنطن، وبالذات المساندة في محافل القانون الدولي، وبسلاح الفيتو في مجلس الأمن الدولي. كما لم يدركوا، أبعاد فكرة إنشاء ماسمي "محور المقاومة" و"وحدة الساحات" وأهداف صانعيها التي لا علاقة لها بالحق الفلسطيني، ولا بوحدة ومصالح الشعب الفلسطيني العليا، ونعتقد، أنهم حتى اللحظة، رغم انهيار هذا المحور، لم يتعلموا الدرس ولم يستخلصوا العبر، ولم يعد في منظورهم سوى تحقيق صفقة، تضخمها شبكة الجزيرة، كما نفخت في قوة حماس وسلاحها، لتحقيق صورة انتصار وهمية، ثمنها حتى اللحظة مئات آلاف الشهداء والجرحى والمفقودين والأسرى، ومليونا نازح، ودمار مظاهر الحياة في قطاع غزة كافة، لكن صورة الواقع على الأرض، تحمل مضامين إبادة بكل ما فيها من جرائم حرب ضد الإنسانية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها