منذ شهر أيلول الماضي والذي تمثل بذهاب الفلسطينيونالى الأمم المتحدة  حيث ألقى الرئيس الفلسطينيمحمود عباس (أبو مازن) خطابا فلسطينيا ثوريا وإنسانيا أمام منبر الأمم المتحدة أمسالأول حيث أعتبر بأنه  نقطة تحول في مسيرة النضالالوطني الفلسطيني، وتمثلت أهمية الخطاب في قوة الأداء والوضوح والتوازن ولغته التياعتمدت على سلامة المنطق والحجة والتغطية الشاملة لكافة جوانب القضية وتطوراتها، إلىجانب الحرص  في مخاطبة العالم – خاصة دول الغرب-بلغة حضارية متوازنة تخلو من التشنج والتعصب و المبالغة، لغة  تخاطب العقل والضميرفي آن، معتمدًا على الحقائق الملموسة على أرض الواقع، مما أكسبه  صفتي التأثير والإقناع ، لقد كان الخطاب حاملا لقضايامشروعة لذلك نجح بشكل ملفت في إحراج إسرائيل وأمريكا عندما صورهما بمظهر الدولتين اللتينتؤيدان الاحتلال والخروج عن القانون الدولي والسير إلى ما لانهاية في مفاوضات كل همهاالاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية المحتلة وتهويد القدس والتنكر لحقوق الشعبالفلسطيني وقرارات الشرعية الدولية.ومنذ ذلك الوقت والقيادة الفلسطينية ثابتة على مواقفها، أما إسرائيل فتختنق بالأزمات الداخلية ومحاولتها بأي وسيلة عودة الفلسطينيون إلىالمفاوضات ، ولأن الاستيراتيجية الفلسطينية المعتمدة تعتمد على بناء المؤسسات ولتقويةالاقتصاد الفلسطيني كمعيار دولي وإقليمي لإقامة الدولة الفلسطينية ، فإن إسرائيل تقومعلى إضعاف الاقتصاد الفلسطيني من خلال خلق أزمات ومنع توريد أموال الضرائب للخزينةالفلسطينية وكذلك إعاقة التنمية الاقتصادية عبر سلسلة من القيود التي تفرضها على السلطةالفلسطينية سعيا لافشال هذه المشاريع وتخريب عجلة الاقتصاد الفلسطيني .وعلى المستوىالدولي قامت الحكومة الإسرائيلية هذا الأسبوع بكتابة تقرير تحدد فيه  ان الفلسطينيينيعتمدون كثيرا علي المساعدات الخارجية  ،و غيرقادرين علي  تقليل اعتمادهم علي المساهمات والمساعداتالخارجية  علي المدي القريب وان الاقتصاد الفلسطينيغير مستقر ولا يطابق المعايير اللازمة لتأسيس دولة مستقلة ،و علي ما يبدو انة سيتمتقديم هذا التقرير من جانب إسرائيل لأعضاء لجنة المساهمة المشاركين في المؤتمر  وعلي رأسهم وزير خارجية نرويجيا ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاترين اشتون بجانب مفوضاللجنة الرباعية الدولية طوني بليير ، وذلك يوم الأربعاء المقبل خلال انعقاد مؤتمرالدول المساهمة للسلطة الفلسطينية في العاصمة البلجيكية بروكسل .إن المؤسسات الفلسطينيةوحتى يوم خطاب الرئيس في الأمم المتحدة في أيلول الماضي كانت تحظى بالإشادة القويةوالكبيرة والداعمة من المؤسسات الدولية الكبرى واعتبرت آنذاك أنها مؤسسات يمكن أن تكونمؤسسات دولة ، ومنذ ذلك الوقت بدأت إسرائيل وبعض الدول التي تعارض قيام الدولة الفلسطينيةوعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية بالقيام بإجراءات تعسفية وعقابية طالت الكلالفلسطيني والاقتصاد والحياة الإنسانية الفلسطينية ، ومما أدى الى بطء النمو الاقتصاديوتوقفه في بعض المحطات التي تأثرت مباشرة بالإجراءات العقابية ، وهذا ما ذكره البنكالعالمي في تقريره الأخير .. إذن إن السياسة والدبلوماسية الفلسطينية الثابتة والقويةوالناجحة ، أدت الى إضعاف الموقف الإسرائيلي والأمريكي وطوَّرت من المطالب الفلسطينيةمن المفاوضات الى الاحتكام إلى الشرعية الدولية أو أن تكون المفاوضات على أساس المرجعياتوالاتفاقيات الدولية ، وهذا بحد ذاته مرفوض أمريكيا ، حيث أن المطلوب من الجانب الفلسطينيفقط تقديم التنازلات وقبول الاملاءات والرضى بالفتات وعدم الاقتراب من أي حل نهائي، إنه معتقل الحصار الأمريكي الإسرائيلي للسلطة الفلسطينية ، فحين تتوقف المفاوضاتوتفشل أمريكا بالالتزام بتعهداتها وقيامها بالدور المطلوب منها يأتي الحصار وبل التدميرالاقتصادي لمؤسسات السلطة الفلسطينية والحيلولة ' استباقا ' دون تمكن القيادة من المطالبةبقيام الدولة الفلسطينية ، وهذا بكل تأكيد قراءة مغلوطة وغير عادلة ، لأن الدولة الفلسطينيةهي حق مشروع لا يمكن ان يكون هناك معيقات له سوى استمرار الاحتلال الإسرائيلي ، الذيتنص قوانين الأمم المتحدة أنه إلى زوال ويجب أن ينتهي فورا . إن معايير قيام الدولةالفلسطينية ، لن تكون هي معايير الاحتلال ، وبالتالي فإن إدعاء إسرائيل الدولة المحتلةبأن الاقتصاد الفلسطيني الحالي لا يتماشي مع المعايير الدولية المطلوبة  لإقامة دولة مستقلة ، ما هو إلا عنجهية جديدة ومعركةتفرضها على الكل الفلسطيني بجانب كل العدوان العسكري والتدميري للأرض والسكان والتنميةومقومات الحياة .. هذا الاحتلال لا يمكن أن يكون صاحب مصداقية وعلى العالم ان يتخذالخطوات الكفيلة بقيام الدولة الفلسطينية وتعويض هذه الدولة عن كل ما لحق بها من ضرروتخريب وتعطيل طوال سنوات الاحتلال السابقة وحتى اليوم ، وآن أن يتم وضع الاستراتيجياتالاقتصادية الكفيلة بالرد على كل هذا ، وأيضا على العالم العربي والإسلامي أن يقدمالدعم الكامل للاقتصاد الفلسطيني وأن يكون في أولوياتهم ، كيف لا ونحن بواب الاستقرارالإقليمي والدولي ، وعلى الداخل الفلسطيني أن يتوحد ويتصالح مع نفسه و أن يعالج الانقسامبما يكفل بتحقيق البرامج الكفيلة  بتحسين ظروفحياة الفلسطينيين وجاهزية قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وأننذهب إلى المربع الآمن في علاقاتنا الداخلية والإقليمية والدولية ، والوحدة الفلسطينيةبمفهومها الاقتصادي يعني وحدة المؤسسات  ،وتنظيم الأداء الإداري بكل أشكاله المباشرة وغير المباشرة بهدف تفعيل دور هذه المؤسساتالحكومية في العملية التنموية بصورة منظمة ومنسجمة مع الطموحات المستقبلية وأن تعملمعا  بصورة جادة لرسم سياسة مستقبلية قائمةعلى أساس دراسة دقيقة وفهم واضح للخصوصية الاقتصادية الفلسطينية والإمكانات المتاحة .