لعبة الدوائر المتداخلة لا تنتهي أبدا في ساحتنا الفلسطينية,وهي اللعبة التي ننشغل فيها عن شيء رئيسي مقابل شيء آخر, الذي بدوره ننشغل عنه بشيءثالث وهكذا, فلا نصل في نهاية المطاف إلى شيء, ولا نغلق أي ملف بنجاح, بل نظل نواصلالهروب إلى العجز والدوران في حلقات مفرغة متداخلة إلى ما لا نهاية.
لدينا ضحية نموذجية في السنوات الخمس الأخيرة اسمهاالمصالحة, الحلم المفقود, الحلم المطعون !!! كم مرة صدقنا أننا اتفقنا, وأننا قاب قوسينأو أدنى, ثم حين نستفيق نكتشف أننا ما زلنا هناك وراء السياج, هناك خلف الطريق بعيدين,متفسخين, نجتر كلاما خاليا من أي معنى.
عقدنا اتفاق الدوحة, وكدنا نصدق أننا بدأنا المسيرة,فتجمد الموضوع عند نقطة الصفر, مرة عن طريق ما اشيع وقتها بأنه خلاف حمساوي داخلي بينالداخل والخارج, بين غزة والضفة, بين رئيس المكتب السياسي وأعضاء المكتب السياسي!!! ثم انفتحت أمامنا طاقة جهنمية اسمها أزمة الكهرباء, ودخلنا فيها إلى سجالات ماأنزل الله بها من سلطان, فنسينا المصالحة, وغرقنا في أزمة الكهرباء, وأزمة الوقود,ثم قرر الاحتلال من خلال عمليات الاغتيالات في حملته الدموية أن يصيغ أولوياتنا بشكلجديد, فانفتح أمامنا موضوع التهدئة, واختار أصحاب المبادرة ان تكون صيغة التهدئة شديدةالغموض, بحيث يدعي كل طرف ما يشاء, ويتحول النص من معنى واضح وقاطع الدلالة إلى متاهاتالتأويل وتأويل التأويل دون أن نصل إلى شيء.
أين نحن الآن ؟؟؟
المصالحة غائبة كأنها لم تكن, وأزمة الكهرباء مستفحلة,وأزمة الوقود متفاقمة, وتوافق التهدئة غطاء ممزق لا يستر عورة أحد !!!
أين نحن الآن ؟؟؟
تفلت أيامنا من بين أصابعنا مثل ذرات الرمل, ولا نفعلشيئا, لا نغلق ملفا, ولا نبلسم جرحا, ولا نبدأ من جديد !!! ندور وندور في حلقة التآكلوالتفسخ, نمضغ أوهاما هي نفسها التي نعرف أنها لا توصلنا إلى شيء.
بلا كهرباء في غزة, بلا مصالحة, بلا تهدئة, ودون علامةتضيء أمامنا ونذهب إليها !!! والأخطر من ذلك كله, أن الوهن يصيب عزيمتنا فلا نقوى حتىعلى الصراخ في وجه مأساتنا, وتخور قوانا حتى إننا لا نقدر على الهروب, نطلق على عجزناصمودا, ونطلق على دوراننا حول نقطة الصفر حركة, ونطلق على موتنا ألقاب الحياة.
المصالحة حلم كبير وحدث كبير, لأن المصالحة معناها أننارغم فداحة المحن نؤمن حتى اليقين بوحدة الشعب ووحدة الوطن, وأننا نستعد لتعاقد كبيرمع تقدم الزمن, وأننا متحدون في ذاتنا على أن لنا حقا مقدسا, وأن هذا الحق المقدس غيرقادر على اغتياله الزمن.
يا حلم المصالحة, شعشع من جديد في أيامنا, واسكن تفاصيلحياتنا, وكن معيارنا للخطأ والصواب.
يا حلم المصالحة, يكرهك أعداؤنا, يكرهونك لأنك آخر نبضفي سواعدنا, وآخر فقرة في قرارنا, وسلاحنا السري الذي لا يهزم في معركة البقاء !!!يا حلم المصالحة نرجوك أن تنصب عرائش الامل المتجدد فوق رؤوسنا, حتى نستطيع أن نقهرالانقسام.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها