شغلتمعمعة تحريم زيارة القدس على غير الفلسطينيين, وقرقعة سلاح فتاوى الشيخ الدكتوريوسف القرضاوي, وطغى ضجيجها وغطى غبارها على مؤتمر القدس بالدوحة والخطاب الحدثلرئيس فلسطين ابو مازن الذي وضع قضية حماية القدس من التهويد والاستيطان وتحريرهامن الاحتلال على ذمة العرب والمسلمين والمؤمنين في العالم, كما وضع على منبر الأممالمتحدة وشعوب العالم في سبتمبر الماضي قضية الشعب الفلسطيني وحقه بقيام دولةفلسطينية مستقلة ذات سيادة على ارضه بعاصمتها القدس.

لميأت الأمر صدفة او ردة فعل, وانما كمنهج مدروس, محكم الصنع, خاصة وأن الباعثالقائم على ملف “ ازاحة القضايا “ الرئيسة والاستراتيجية للشعب الفلسطيني, يعلميقينا تأثير “ الفتاوى”, والقدرة العجيبة, الانتاجية والتسويقية لشخصياتها , ومدىالاستجابة لها في مجتمعات عربية اسلامية, ما زال فكر وعقل ووعي الفرد في معظمهامحتلا, إما من انظمة دكتاتورية سلبته القدرة على التعبير, وهياكل صبغت نفسهابالدينية سلبته نعمة التفكير, واحتكرت المعرفة لمنعه من التحرر واتخاذ القراربمسؤولية.

لمتطلب القيادة الفلسطينية تنشيط السياحة بين جاكرتا عاصمة اندونيسيا وتل ابيب, ولمنطلب زيارات ترفيهية أو فتح فروع لشركات أو انشاء خطوط سكك حديدية ولا حتى خشبيةمع الاحتلال الاستيطاني, فكل ما طلبته القيادة ألا يتم تحويل الفتاوى الى حقلالغام يحاصر اهلنا في القدس, فترهب الكرام الكرماء, الأحرار الفائضة قلوبهمبالانسانية والايمان بعدالة القضية الفلسطينية, وعروبة القدس من الاقدام على أداءالواجب والتواصل المباشر مع الفلسطينيين الصامدين في المدينة المقدسة, فجل ما يعنيحكماء مشروع التهويد والاستيطان هو تحسيس العرب الفلسطينيين مسيحيين ومسلمينبالعزلة عنها, وايصالهم الى مرحلة اليأس والاحباط التي ستدفعهم قسرا الى الهجرة منديارهم, فإن كان الرسل وأتباعهم الأولون قد هجروا أوطانهم ومدنهم وديارهم هروبا منالظلم والتجويع والقهر, فمن الذي سيمنع الفلسطيني من الهجرة في خضم اغراءات ماديةوتسهيلات بلا حدود... فالضغوط والخسائر الاجتماعية والسياسية والثقافيةوالاقتصادية التي تسببها هذه الفتاوى تكاد تعادل حجم المعاناة من اجراءاتالاحتلال, فما الذي يمنع زيارة شخصية او مجموعة اعتبارية متخصصة في شأن ما من بلدجاء في دستورها انها دولة اسلامية من الوصول الى المدينة المقدسة بالوسائلالمتاحة, فتُستَطلَع حاجة اهل المدينة الأصليين اي المواطنين المقدسيينالفلسطينيين, بما تحتاجه من دعم لقطاع محدد او تعزيز لصمود, فيشعرون براحة ضمير ,ويتعزز ايمان المقدسيين ان المؤمنين بانسانيتهم معهم لن يتركوهم وحدهم في مهمةحماية الارث الثقافي العظيم في القدس زهرة المدائن. فيضربون جذورهم في الأرض اكثر,ويمدون فروعهم لتظلل بقاعها الطيبة.

آنالأوان للتحرر من القوالب والمصطلحات الجامدة الحاكمة للصراع, فمعظم الأساليبالموروثة, ومنها الاسقاطات الدينية المسيسة على القضية, واستغلالها قضية تحررالشعب الفلسطيني عموما, والقدس خصوصا أثبتت عدميتها وقصورها, فالاحتلال معنيبزيادة الاستيطان في القدس الشرقية, وتشجيع زيارات اليهود من كل انحاء العالم,وتحويل هذه الزيارات الى “ حج “ حتى ولو كانت سياحية, او حتى لو كانت ليهود غيرمتدينين من جنسيات عديدة, فالتواصل مع ما يدعونه “ أرض الأجداد “ هو الأرضيةلكسبهم لصالح المشروع الاحتلالي الاستيطاني في فلسطين.. أما الذين يطيرون الفتاوىكلما تصاعدت حرارة مسار قضية القدس نحو منظمات المجتمع الدولي والأمم المتحدة,فانهم باستخدامهم الخاطىء لقضية القدس وتغليفها بالفتاوى المسيسة, وأصواتهم في غيرمحلها, انما يخدمون مسيري عجلة تهويد المدينة بأسرع من الصوت, فهؤلاء يجب انيعلموا أن التهويد سلاح استراتيجي اسرائيلي !. هذا اذا كانوا لا يعقلون ما يفعلون,أما اذا كانوا يفتون بما لا يعلمون ولا يعملون – و هؤلاء كثير – فانهم مع الاحتلالزائلون ولو بعد حين.