عن جريدة الحياة

توقعنا نتائج عاصفة الخلافات الداخلية في حماس قبل انجلائها، وانفضاح حجم (مقاومة) مراكز القوى بحماس للمصالحة والوحدة الوطنية، (وجهاد) المنتفعين من الانقسام سياسيا واقتصاديا وسلطويا، اذ أطاح إعصار (مجلس شورى حماس) ليس بآمال الفلسطينيين وحسب، بل بنوايا وجهود الأشقاء العرب المخلصة لانهاء الانقسام وعلى رأسهم أمير قطر الشاهد الموقع على اعلان الدوحة .

ضربت قيادات حماس المتنفذة «بشفرة» اشتراطاتها المتعددة الرؤوس بضربة واحدة يد ابو مازن «رئيس الكل الوطني» ويد حركة فتح الممدودة باخلاص وصدق على قاعدة استراتيجية الوحدة الوطنية والمصالح الوطنية العليا، ويد أمير قطر الذي أكرم حماس بلا حدود وأحسن وفادة قادتها، وكأنها باجهاضها لاعلان الدوحة، تعطل عن قصد الدور القطري وترمي بالورقة الفلسطينية الى المنافس الاقليمي ( طهران).. فحماس تلعب مع من يدفع ولا يدفعها للتخلي عن مشروعها الخاص. واسماعيل هنية ودافعوه للواجهة لا يمكن لهم ركوب قطار المصالحة اثر رحلة جني «للمال السياسي» توجت بموسم وفير من طهران.

لا تكمن المشكلة في قيادات من حماس تجذرت مصالحهم المالية وتوسع نفوذهم بكل اتجاه في قطاع غزة وحسب، بل في قيادات من حماس مازالت تستنسخ التجربة الاسرائيلية في المفاوضات مع القيادة الفلسطينية وتطبقها، اذ يبدي هؤلاء – منهم من يجتمع مع قيادات فتح والرئيس - مواقفا في العلن، يخالفونها عند التطبيق العملي، فيوصون بمذكراتهم السرية «الأحبة في المكتب السياسي ومجلس الشورى» بما لم يخطر ببال المتنفذين (المرابطين) من أجل ادامة الانقسام، فتراهم ينشدون المصالحة قصائدا ويتلون من أجلها الآيات ..لكنهم في الخفاء يزلقون لممانعيها ومقاوميها ومجهضيها اشتراطات واقتراحات أشبه بـ«المسامير النجمية» لرميها على سكة الوحدة الوطنية والمصالحة .. فمشكلة الشعب الفلسطيني مع هؤلاء مزدوجة وجهها الأول عقلية الثقة المنعدمة بالآخر وتضخم الذات والعناد والتمترس في خنادق ليس منها الا الأضرار والخسائر المتلاحقة للقضية والشعب الفلسطيني، وضعف الرؤية السياسية والاستراتيجية لأهداف ومسار النضال التحرري الوطني الفلسطيني، فيما الوجه الآخر الأشد قسوة هو إصرارهم على شرعنة الانقلاب على السلطة، باصرارهم على أن يؤدي الرئيس القسم امام المجلس التشريعي الحالي الذي ثبت أن بعضا من اعضائه الحمساويين خاضوا في دماء الفلسطينيين حتى بلغت اكعابهم , ويعملون على بعث الحياة بمصالح نمت وترعرعت في ظل خمس سنوات من عمره لتصبح أمرا واقعا، وقواعد ارتكاز اقتصادية لمشروع حماس الخاص.

أعان الله أيوب الفلسطينيين ابو مازن.. ولا يسعنا الا ان نقول له اصبر، فلعل شعبنا يستفيق من سحر وشعوذة من يدفعونه الى الهاوية فيما انت تناضل وتكافح وتجهد من أجل أخذه الى بر الأمان.. فهؤلاء لايرون الدولة المستقلة بعاصمتها القدس التي في خاطرك وخاطر الوطنيين الفلسطينيين والعرب والأحرار في العالم، وانما «دولة الأنفاق».