بقلم: محمود أبو عبية
يكتسب اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني هذا العام، أهمية مضاعفة، مع تواصل حرب الإبادة والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، الذي خلّف أكثر من 149 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وتواصل إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورًا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
وتنديدًا بهذه المجازر، نُظمت الآلاف من التظاهرات والوقفات والفعاليات في الشوارع والميادين الرئيسية، وفي الجامعات والمدارس، في العديد من عواصم ومدن العالم. وإلى جانب الحراك الشعبي، برز التضامن الدولي في رفع الدعاوى على الاحتلال ومسؤوليه في محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع منظومة الاحتلال، وصولاً إلى سلسلة من الاعترافات بدولة فلسطين، وإصدار مذكرتي اعتقال بحق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير جيشه السابق يوآف غالانت.
وتحيي الأمم المتحدة اليوم العالمي للتضامن مع شعبنا في التاسع والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام، تزامنًا مع اليوم الذي اتخذت فيه الجمعية العامة قرار التقسيم رقم 181.
وتقيم في هذا اليوم، حركات تضامن ولجان سياسية، إضافة إلى سفارات فلسطين، والمؤمنين بعدالة القضية الفلسطينية، فعاليات ثقافية ومهرجانات سياسية وجماهيرية تضامنية. واستجابة لدعوة موجهة من الأمم المتحدة، تقوم الحكومات والمجتمعات المدنية سنويًا بأنشطة شتى إحياءً لهذا اليوم. وتشمل هذه الأنشطة: إصدار رسائل خاصة تضامناً مع الشعب الفلسطيني، وعقد الاجتماعات، وتوزيع المطبوعات وغيرها من المواد الإعلامية، وعرض الأفلام. وفي مقر الأمم المتحدة بنيويورك، تعقد اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف جلسة خاصة سنويًا، إحياءً لليوم العالمي للتضامن.
وفي فلسطين، تنظم فصائل ومؤسسات عدة فعاليات إحياءً لهذا اليوم، في إطار حشد الدعم والمناصرة للقضية الفلسطينية.
ويقول عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، منسق القوى الوطنية واصل أبو يوسف: إنه "في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني يقف المتضامنون وأحرار العالم مع نضال الشعب الفلسطيني وكفاحه من أجل حريته واستقلاله وإنهاء الاحتلال والاستعمار، وحصوله على حقوقه بإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وحق عودة اللاجئين".
ويشير إلى أن القوى والفصائل الوطنية ومؤسسات الأسرى ستنظم فعاليات تخرج في كل محافظات الوطن في الأول من كانون الأول، إلى جانب فعاليات في مخيمات الشتات والعديد من عواصم العالم، ليؤكد الشعب الفلسطيني مرة أخرى أنه سيبقى متمسكًا بحقوقه وثوابته وحريته واستقلاله، ووقوف المتضامنين والأحزاب وأحرار العالم إلى جانب نضاله وكفاحه في هذه المعركة المستمرة من أجل الحرية والاستقلال.
ويضيف أبو يوسف: أن "اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في هذا العام يكتسب خصوصية كبيرة في سياق حرب الإبادة المستمرة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، في محاولة لشطب حقوق شعبنا وتصفية القضية الفلسطينية وتهجير أبناء شعبنا".
ويوضح أبو يوسف أن القضية الفلسطينية اليوم على رأس جدول الأعمال العالمي، والمطلوب أن يكون هناك حل جدي لها، مبينًا أن الأولوية الفلسطينية هي وقف فوري للعدوان وحرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، وحماية شعبنا وتوفير كل ما يتعلق بالقضايا الإنسانية والحياتية خاصة لشعبنا في قطاع غزة، ورفض كل ما يتعلق بمحاولات تنفيذ سياسات التهجير، مؤكدًا أن منظمة التحرير والقيادة الفلسطينية تسعيان من أجل عملية سياسية تفضي إلى إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وحق العودة للاجئين، والتأكيد على التمسك بالتمثيل الفلسطيني في إطار منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
ويقول مساعد وزير الخارجية والمغتربين السفير عمر عوض الله: إن "إحياء اليوم العالمي للتضامن مع شعبنا يكون من خلال فعاليات مختلفة ثقافية وفنية، بما فيها عمل مركزي للبعثات الفلسطينية في الأمم المتحدة بإقامة معرض صور حول تطور النضال الفلسطيني والحياة الفلسطينية منذ النكبة وحتى يومنا هذا، وكيف أنه رغم مأساة النكبة ومعاناتها فإن شعبنا عاد من جديد ليثبت مكانه وحضوره كدولة وشعب حر صامد على أرضه".
ويؤكد أن هذا اليوم يُذكّرنا بحل الدولتين وما أُسس له منذ قرار التقسيم 181، وبهذا ترتبط هذه الذكرى بضرورة تنفيذ حل الدولتين من خلال الإجماع الدولي على قرارات الأمم المتحدة كما وردت في الجمعية العامة ومجلس الأمن وكامل المنابر الدولية، وارتباط ذلك بمسار تحقيق حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف في الاستقلال والعودة وحق تقرير المصير، إلى جانب ارتباط ذلك بالمسار القانوني في ظل وجود تضامن دولي ودعم كبير للشعب الفلسطيني ولقضيته، لأنها تستند إلى قواعد القانون الدولي.
ويضيف عوض الله: أن "التضامن تحول من مجموعة خطابات وبيانات إلى تضامن فعلي عملي على الأرض، من خلال دعم القرارات المتعلقة بدولة فلسطين، وحصول دولة فلسطين على مكانتها الحقيقية بين الدول، وهذا ما شهدناه خلال التصويتات الأخيرة على القرارات الخاصة بفلسطين ورفع مكانتها، إلى جانب تقديم قضايا ورفعها أمام المحاكم الدولية، ودعم الإحالات في محكمتي العدل والجنائية الدوليتين، واتخاذ تلك الدول خطوات فاعلة لمعاقبة المنظومة الاستعمارية الإسرائيلية، لأنها تنتهك الحق الأسمى للشعب الفلسطيني وهو حق تقرير المصير".
ويوضح أن التضامن يأخذ ثلاثة أبعاد هي: السياسية والدبلوماسية والقانونية، ومسار التضامن الشعبي، وجميع هذه المسارات كانت لها أولويات وضعتها القيادة الفلسطينية، وعلى رأسها وقف العدوان على شعبنا، وأهمية وصول المساعدات إلى أبناء شعبنا في قطاع غزة، ومنع التهجير القسري، وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني، منوهًا إلى أن هذه المسارات التضامنية الثلاثة كان لها الدور الكبير في دعم صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة القضايا غير القانونية التي ترتكبها إسرائيل ضد أبناء شعبنا.
ويشكل اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني فرصة للفت انتباه المجتمع الدولي إلى حقيقة أن القضية الفلسطينية لا تزال عالقة ولم تُحّل حتى يومنا هذا، رغم مرور عشرات السنين وصدور العديد من القرارات الدولية ذات الصلة، وأن الشعب الفلسطيني لم يحصل بعد على حقوقه غير القابلة للتصرف على الوجه الذي حددته الجمعية العامة، وهي الحق في تقرير المصير دون أي تدخل خارجي، أسوة ببقية شعوب الأرض، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967، وحق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي أُبعدوا عنها.
في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2012، انضمت فلسطين إلى الأمم المتحدة بصفة "دولة مراقبة غير عضو". وفي 30 أيلول/سبتمبر 2015، رُفع العلم الفلسطيني أمام مقرات الأمم المتحدة ومكاتبها حول العالم.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها