على سرير في مستشفى "ناصر" بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، يجلس الطفل أحمد صبرة وتُثقل ملامحه آثار ألم يفوق سنوات عمره، إذ تعكس عينه المتورمة مأساة مرض السرطان الذي أصابه خلال حرب الإبادة المتواصلة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.

بجانب أحمد، 10 سنوات، تجلس والدته وعيناها تراقبانه بحزن عميق، ويداها ترتجفان من ثقل المأساة، وفي قلبها ألم وخوف لإدراكها أن حصار الاحتلال لقطاع غزة عائق أمام تقديم العلاج الذي يمكن أن ينقذ حياة طفلها.

وأمام الحصار وشح الإمكانات الطبية، يأمل الطفل السفر لتلقي العلاج خارج القطاع بعد أن تمكن السرطان من إحدى عينيه وترك أثرًا واضحًا في وجهه البريء.

- مأساة تحت الحصار

أحمد، الطفل الذي يحلم أن يكون لاعب كرة قدم مشهورًا، اكتُشفت إصابته بمرض السرطان خلال حرب الإبادة، وجراء عدم توفر العلاج تدهورت حالته الصحية إذ تحول الورم الذي بدأ صغيرًا إلى انتفاخ واضح، ما أدى إلى فقدانه الرؤية في تلك العين.

الأطباء المتابعون لحالة أحمد والذين يعملون بإمكانات محدودة نتيجة حصار الاحتلال المفروض على غزة وإغلاق المعابر، أكدوا أن الطفل بحاجة ماسة إلى علاج متقدم خارج القطاع.

المرض لم يطفئ نور عين أحمد فحسب، بل أثر بعمق في حالته النفسية إذ أصبح يتجنب الخروج خوفًا من نظرات أطفال تزيد شعوره بالعزلة والخجل، ما حرمه من المشاركة في اللعب والاستمتاع بطفولته.

ويعيش الطفل أحمد بمدينة خان يونس داخل خيمة تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة الصحية الملائمة لحالته، بعد نزوحه من منزله في مدينة غزة نتيجة حرب الإبادة المستمرة.

ويضطر المواطنون خلال نزوحهم إلى اللجوء إلى المدارس أو منازل أقربائهم أو معارفهم، والبعض يقيم خيامًا في الشوارع والمدارس أو أماكن أخرى مثل السجون ومدن الألعاب، وسط ظروف إنسانية صعبة إذ لا تتوفر المياه ولا الأطعمة الكافية، وتنتشر الأمراض.

وبلغ عدد النازحين داخل القطاع منذ بدء حرب الإبادة الجماعية مليوني شخص من أصل 2.3 مليون إجمالي الفلسطينيين فيه.

- عجز وسط الإبادة

والدة أحمد تقف عاجزة أمام معاناة طفلها وسط مخاوف متزايدة من انتشار المرض إلى عينه السليمة، وتناشد العالم مساعدة طفلها لتلقي العلاج خارج القطاع جراء تردي المنظومة الصحية بغزة.

وداخل المستشفى، يحاول أحد الأطباء تقديم الرعاية الطبية للطفل أحمد الذي تقف والدته بجواره تقدم له الدعم المعنوي.

ومنذ بدء الإبادة، عمد جيش الاحتلال إلى استهداف مستشفيات غزة ومنظومتها الصحية وإخراج مستشفيات كثيرة عن الخدمة، ما عرّض حياة المرضى والجرحى للخطر حسب بيانات محلية وأممية.

وقالت والدة أحمد: إنهم "اكتشفوا وجود ورم سرطاني لطفلهم خلال حرب الإبادة، وإن الحصار يحول دون سفره للعلاج خارج القطاع الذي يعاني نقصا في الإمكانات الطبية".

وأضافت: "طفلي يعاني آلامًا شديدة ولا توجد مسكّنات، وأتمنى أن يساعدونا على إخراجه من غزة لتلقي العلاج، خاصة مع عدم توفره في القطاع".

ووصفت الوضع الصحي لطفلها بأنه سيئ، إذ لا يستطيع الخروج للعب مع أصدقائه خارج الخيمة التي نزحوا إليها، ولا يمكنه التعرض لأشعة الشمس والهواء.

- إمكانات طبية معدومة

في السياق ذاته، قال طبيب الأطفال أحمد الفرا: "نحن أمام معضلة كبيرة بسبب عدم مغادرة الحالات للعلاج خارج القطاع، في ظل عدم توفر الإمكانات الطبية اللازمة في غزة".

وأضاف: "الطفل أحمد مصاب بسرطان استولى على عينه وأدى إلى فقدان الرؤية فيها، وهناك أعراض شديدة يعانيها مثل الصداع والآلام المتكررة".

وتابع: "الورم ينتشر في أنحاء جسده وهو بحاجة إلى تحويل سريع للعلاج، ولكن الاحتلال الإسرائيلي يتعمد تأخير تلك الحالات".

وأشار إلى أنه "يجب تحويل الطفل أحمد للعلاج خارج غزة، إذ لا تتوفر الإمكانات الطبية اللازمة داخل القطاع في ظل الحصار والحرب".

وأفاد بـ"وصول مئات الحالات المرضية الأخرى التي تنتظر التحويل للخارج، وبعد إغلاق معبر رفح، أصبحت هذه الحالات في انتظار مصير صعب، في ظل الحصار القائم".

- 12 ألفًا و500 مريض يواجهون الموت

وفي 7 مايو/أيار الماضي، استولى الاحتلال على الجانب الفلسطيني من معبر رفح البري مع مصر، ما أغلقه أمام خروج جرحى لتلقي العلاج ودخول مساعدات إنسانية شحيحة أساسًا، بينها أدوية.

وأكدت مصادر طبية ومحلية أن "هناك 12 ألفًا و500 مريض سرطان يواجهون الموت وهم بحاجة إلى علاج".