بقلم: طارق الأسطل وحاتم أبو دقة
يتنقل المواطن ساهر الحاوي في مواصي خان يونس من جمعية إلى جمعية ومن مؤسسة إلى أخرى، آملاً الحصول على قطعة نايلون أو شادر يغطي به خيمته المصنوعة من القماش والبطانيات التي تعرضت للاهتراء بسبب الرياح والأمطار، وجراء طول أمد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
الحاوي (28 عامًا) نازح من سكان غزة وأب لطفل لا يتجاوز من العمر سنة، يعيش حياة صعبة في خيمة مهترئة لا تتجاوز ثلاثة أمتار في ظل هذا الجو البارد وسقوط الأمطار.
قال: إن "خيمته غرقت بالكامل بسبب الأمطار ولا يملك المال الكافي لشراء قطعة نايلون لا يتعدى طولها أربعة أمتار ليصلحها بها".
وبين الحاوي أن سعر النايلون في السوق مرتفع للغاية، ويبلغ سعر المتر الواحد 60 شيقلاً، وهذا السعر لا يتناسب بالمطلق مع أوضاعنا الاقتصادية الصعبة، قائلاً: "لا أستطيع شراءه لذلك أجوب الجمعيات الخيرية على أمل أن يساعدوني في توفير قطعة نايلون تحميني أنا وزوجتي وابني"، مشددًا على أنه ليس هناك أي مساعٍ جدية من المؤسسات والجمعيات والدول المانحة لتوفير ولو على الأقل نايلون للنازحين من أجل أن يصلحوا خيمهم المهترئة في ظل الموجة الباردة وسقوط الأمطار الغزيرة.
أما المواطن وسيم اليازجي (38 عامًا) فهو أب لستة أطفال ويسكن بالقرب من شاطئ البحر، يقول: "تعرضت خيمتي أمس لدخول مياه البحر إليها بسبب الرياح القوية والأمطار الغزيرة، ما أدى إلى تحطمها وضياع كل محتوياتها في البحر".
ويضيف: "الوضع كارثي، أنا الآن دون مأوى وبحاجة إلى مكان جديد وخيمة أسكن فيها أنا وعائلتي تحميني من الرياح والبرد والأمطار الشديدة".
أما المواطنة النازحة سماح البلعاوي (34 عامًا) من سكان غزة وهي أم لأربع أطفال، فتقول: "أصبحت حياتنا لا تطاق؛ أتمنى من الله أن تنتهي هذه الحرب وأرجع إلى بيتي المدمر وأعيش فيه، فهو خير من هذه الخيمة المصنوعة من الخشب والملفوفة بالبطانيات والنايلون بالقرب من شاطئ بحر خان يونس".
وتابعت: أن ليلة أمس وفجر اليوم كانت قاسية بمعنى الكلمة، إذ تسربت مياه الأمطار إلى داخل الخيمة من بين فتحات النايلون الممزقة، ما أدى إلى تبلل الفرشات والبطانيات، مبينة أنها اضطرت إلى الخروج من الخيمة هي وأطفالها إلى مكان آمن عند جيرانها.
وتضيف البلعاوي: أنها "بحاجة ماسة إلى شادر من أجل أن تحمي نفسها وأطفالها في ظل هذه الأمطار، لأنها لا تملك شراء الشادر الذي يبلغ سعره أكثر من 600 شيقل".
وتقول المواطنة صباح الرخاوي: "لا أريد طعامًا ولا شرابًا، فأمنيتي أن أحصل على نايلون أغطي به خيمتي، الوضع أصبح صعبًا للغاية بسبب الأمطار".
ويعيش المواطن منير المدهون (47 عامًا) في خيمة مهترئة لا تقيه أمطار الشتاء ولا يملك المال لشراء خيمة أو شادر أو نايلون.
وقال المدهون: إنه "اضطر إلى النزوح نحو ست مرات بسبب القصف والتهديدات الإسرائيلية، وفي كل مرة كان يستبدل الأخشاب التي تعرضت للكسر، أو الشوادر التي تعرضت للتمزق بسبب الفك والتركيب، وهذا الأمر كان يكلفه مبالغ طائلة".
وبين المدهون أنه لم ينم طول الليل هو وعائلته بسبب الأمطار التي كانت تتساقط وتتسرب إلى داخل الخيمة، مشددًا على أن أمل النازحين هو الحصول على أي شيء يغطون به خيمهم من المطر حتى ولو كان قماشا.
أما المواطن سامح السنوار (50 عامًا)، فقال: إن "الحياة داخل الخيمة والنزوح الذي تعرضنا له كان قاسيًا بمعنى الكلمة، وما يزيد هذه المعاناة هو سقوط الأمطار الغزيرة على الخيام التي باتت غير مهيأة لمواجهة الرياح والأمطار".
وأضاف: أن النقص الحاد في الشوادر والنايلون وارتفاع أسعارها في السوق وعدم تمكننا من شرائها يزيد معاناتنا يومًا بعد يوم.
وتابع السنوار: أخشى على عائلتي وأطفالي بسبب التمزق الذي أصاب خيمتي التي باتت غير مهيأة لمواجهة الرياح والأمطار والبرد القارس.
ويُذكر أن معاناة النازحين تضاعفت في مواصي خان يونس مؤخرًا، نتيجة غرق الخيام وتحطمها بسبب سقوط الأمطار الغزيرة واشتداد الرياح، وصعوبة الحصول على شوادر أو نايلون لتصليح خيامهم لارتفاع أسعارها.
وأغرقت مياه البحر ليلة أمس خيام النازحين المهترئة المقامة على الشاطئ منذ أكثر من سبعة أشهر مضت على اجتياح رفح البري، فأغرقت أثاث المواطنين وكادت تودي بحياتهم من شدة تدافعها.
وأشارت النازحة أم عبد الله من رفح إلى خيمتها التي لم يتبقَّ منها إلا جزء بسيط من الشادر الذي كان يغطيها، وقالت بصوت خافت: لولا عناية الله لابتلعني البحر أنا وأطفالي الخمسة، مؤكدةً أنها اضطرت إلى النزوح عند أحد جيرانها، تاركة كل أثاثها ومقتنيات أطفالها التي ابتلّت بالمياه.
وتجلس أم عبد الله بلا خيمة في أجواء البرد القارس تفترش الأرض وتلتحف السماء إلى أن تجد من يمد لها يد العون لتتدبر أمرها قبل غروب الشمس.
وليس ببعيد عما تبقّى من خيمة أم عبد الله، يجلس النازح إبراهيم الزاملي من رفح (30 عامًا) في حيرة من أمره، كيف سيتدبر أموره في ظل ارتفاع أسعار الشوادر والأخشاب اللازمة لإعادة إقامة خيمته التي تحتاج إعادة ترميمها إلى أكثر من 2000 شيقل.
وتابع: "مللنا من وعود الصليب ووزارة التنمية الاجتماعية، ولم يعد لدينا ثقة بأحد من كثرة الوعود".
وناشد النازحون الصليب الأحمر وكل المؤسسات الدولية النظر إليهم بعين الشفقة وتوفير خيام ومكان أكثر ملاءمة لهم من شاطئ البحر الذي كاد يبتلعهم.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها