ما أصعب أن يكافح شعب، ضد قوة عاتية لا تخشى أياً من العناصر التقليدية الضاغطة، الكفيلة بجعل المستبد والمجرم، يرضخ ويُعاقب!. فعندما لا تخطر المحاسبة على أذهان الطرف المعتدي، ويكون في مأمن من الردع الدولي، ولا يخشى على نفسه من خسارة انتخابية بل يعزز مواقعه لدى قاعدته الانتخابية كلما أوغل في الجريمة وعندما تشد على يديه الملوثتين بدم الأبرياء، قوة عظمى؛ فكيف يمكن أن نختبر نتائج الحرب التي صمدت فيها المقاومة الشجاعة في وجه العدوان؟!
معلوم أن وسائل التغطية الاعلامية، التي تعرض الفظائع؛ باتت لا تشكل عنصراً حاسماً في استثارة الرأي العام العالمي. لذا تختلف ردود أفعال هذا الرأي العام، بين مشهد ومشهد، وبين قضية وقضية، وبين فظيعة وفظيعة. وهذه مسألة تتطلب تحليلاً للوعي السلوكي لدى هذا الرأي العام. فقد أصبحت التغطيات الاعلامية، بالنسبة للقوى التي تمارس العدوان، شراً لا بد منه، لصعوبة حجب الصورة وتقليص التغطية. لذا فإن المعتدين عندما يحسبون، يحرصون قبل كل عدوان، على التأكد من "سلامة" وضعهم الداخلي عند جمهورهم، ومن "سلامة" الإقليم، ومن مؤازرة القوة الدولية الحاسمة. هؤلاء يراهنون أيضاً (ضمن الحسابات المحفّزة على العدوان) على الفجوات وضعف الانسجام والشكوك والاختلافات والمهاترات داخل المجتمع المستهدف!
ربما في هذا السياق، يصح القول، إن المعالجة الوطنية العامة، لما حدث لغزة وعند اختبار نتائج الحرب؛ تتطلب تغليب أو تقديم عنصري الصمود عندنا، والجريمة التي تستوجب الملاحقة عندهم، وتأخير النقد التفصيلي مع التركيز على ضرورة وضع استراتيجية فلسطينية واحدة، لمواجهة المعتدين الذين لن يكفوا عن اعتداءاتهم. إن المحتلين يحاربوننا باستراتيجية واحدة ولا يجوز أن نواجههم بمجموعة استراتيجيات غير متجانسة في أوقات التهدئة وفي أوقات اندلاع النيران.
الحروب المعاصرة، لا حسم فيها نهائياً. أطرافها يخرجون وكلٌ منهم يتحسس مكمن العز والفخار بأدائه. إن هذه هي طبائع الأمور. هناك فارق معتبر، بين ما كانت تهدف اليه إسرائيل وتريده، وما ستحصل عليه بعد خسارة عشرات الجنود والضباط (وهي، في هذه الحسبة، لا تقيم وزناً لشهدائنا). أما على الجانب الفلسطيني، فربما تكون قصرت معنا بعض الحسابات، فتخيلنا أن المعتدين سوف يصعب عليهم ممارسة الجريمة العارية التي يتكرر فيها عشرات المرات، قصف الطفل مع أمه وإخوته في منزلهم. ربما افترضنا أن العالم سينفجر في وجههم، وأن أميركا ستتبرأ منهم، وأن الروس والأوروبيين سوف يتخذون خطوات ردعية ضدهم، على أساس أنها أقطار ومجتمعات حاربت النازية، وعلى اعتبار أن مجرمي حروب القرن العشرين، لم يفعلوا ما فعلته إسرائيل، لا في حضور الكاميرات ولا في غيابها. ربما افترضنا أيضاً، أن تطفح الشوارع العربية بالغاضبين. غير أن الذي وقع، على مستوى كل هذه الافتراضات، يتراوح من صفر الى خمسة بالمئة، وهذه على أية حال نسبة متقدمة قياساً على ردود الأفعال المتعلقة بمشاهد الموت البانورامي في سوريا والعراق وليبيا!
بناء على ذلك، يجري اختبار نتائج العدون على خطين: الأول هو الإعلاء من شأن الصمود الفلسطيني والمقاومين المدافعين عن قضية عادلة لا يختلف عليها اثنان سويّان. والثاني أخذ العبرة لكي تكون الحسبة أدق وأصوب في المرات المقبلات. تتبقى لدينا استراتيجية الإصرار على حرية فلسطين واستقلالها. نصادق فيها ونخاصم عليها. وفي الخيارات الفرعية والتكتيكات، نذهب الى عقد القران بين السياسة والمقاومة. فلا فلاح لواحدة دون الأخرى، ثم إن المهاترات لا تفسر التاريخ ولا تساعد على مواجهة الواقع. ما زال الوضع صعباً وخطيراً ومعقداً، ومضطرون الى التحرك سريعاً في اتجاه بناء مؤسسات الكيانية الفلسطينية، على أسس ديمقراطية. يظلم نفسه ويظلم الجميع، من يتخيل إنه المقاول الحصري للسياسة أو المقاول الحصري للمقاومة، ولنا في هذا السياق كلام كثير يمكن أن يُقال!
اختبار نتائج العدوان/ بقلم عدلي صادق
07-08-2014
مشاهدة: 819
عدلي صادق
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها