أخيرًا وبالرغم من التأخير صدر قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال كل من مجرمي الحرب نتنياهو وغالانت، وهذا يعني فشل الضغوط الأميركية التي مورست على قضاة المحكمة لمنعها من إصدار مذكرات الإعتقال مما يعني أهمية تجسيد استقلال القضاء الدولي وإلا فالبديل شريعة الغاب وتقويض للعدالة والأمن والسلم الدوليين.
الإزدواجية التي أبدتها أميركا وبعض الدول الأوروبية بالتعامل مع قرار إعتقال نتنياهو وغالانت مقارنة بتعاملها المناقض لقرارات سابقة صادرة عن ذات المحكمة المتعلقة بالرئيس الروسي بوتين على سبيل المثال بل لجوء أميركا بإدارتها الحالية والقادمة لرفض القرار بل والتهديد بفرض عقوبات على المحكمة وعلى أي دولة من الدول المصادقة على نظام روما تنفذ قرار المحكمة الجنائية الدولية في إشارة واضحة على سعي المحور الأميركي لتوظيف المحكمة الجنائية الدولية كما وظفت ميثاق الأمم المتحدة كأدوات لتحقيق مصالحها ومآربها على امتداد الساحة العالمية دون أي اعتبار لمبادئ العدالة وسمو الحق مما يتطلب تشكيل جبهة دولية عريضة تهدف إلى:
- أولاً: حماية قضاة محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية والمدعي العام الذي أوصى بإستصدار مذكرات التوقيف.
- ثانيًا: إتخاذ موقف موحد من الدول أعضاء المحكمة الجنائية الدولية إتجاه إسرائيل بفرض العقوبات وعزلها لرفضها تنفيذ قرارات المحكمتين الدوليتين العدل والجنائية.
- ثالثًا: في حال استمرار الرفض الإسرائيلي بتنفيذ قرار المحكمة الجنائية الدولية بتلسيم المطلوبين بموجب مذكرة الإعتقال، يجب أن تبادر المحكمة أو دول الأعضاء في مطالبة مجلس الأمن بالتقدم بمشروع قرار بموجب الفصل السابع لتنفيذ مذكرة التوقيف.
- رابعًا: في ظل التعنت الأميركي للاستمرار بسياستها التي تتناقض كليًا مع مسؤولياتها كدولة دائمة العضوية بمجلس الأمن بحماية إسرائيل وتمكينها الإفلات من المساءلة جراء رفضها قرارات محكمتي العدل والجنائية إعمالاً لإلتزاماتها كدولة عضو بالأمم المتحدة، يجب أن يتم التقدم بمشروع قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة لتجميد عضوية إسرائيل ولفرض عقوبات رادعة بحقها لإلزامها تنفيذ ليس فقط قرارات المحاكم، بل وجميع القرارات الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة منذ عام 1947.
- خامسًا: التصدي جمعيًا لسياسة الضغط والترهيب التي تمارسها الإدارة الأميركية لمنع تنفيذ قرار المحكمة الجنائية الدولية بمخاطبتها بلغة المصالح.
- سادسًا: أن تبادر الدول الأعضاء بالمحكمة الجنائية الدولية لمنع طيران وسفن إسرائيلية تقل أي من المطلوبين من عبور أجواءها ومياهها الإقليمية.
تنفيذ القرار تحد لتجسيد العدالة وسموها وإعلاءً لقوة الحق ونبذ حق القوة لما يسببه من بث وتعميق للكراهية والعداوة وتقويض للأمن والسلم الدوليين.
الكيان الإسرائيلي بات منبوذًا على الساحة العالمية لجرائمه الوحشية والمضي بحرب الإبادة والتطهير العرقي بحق الشعبين الفلسطيني واللبناني مما أضحى للعمل الجمعي العربي والإسلامي والإفريقي والدولي أهمية وأولوية قصوى بالعمل على عزل هذا الكيان المارق قطريًا وإقليميًا ودوليًا دون انتظار وتردد بعد أن ثبت قراري محكمتي العدل والجنائية الدوليتين بقناعة أن إسرائيل كدولة وقيادة إرتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة وتطهير عرقي.
فليكن تنفيذ القرارات بداية لنظام عالمي جديد متعدد الأقطاب قائم على إعلاء مبادئ العدالة والمساواة وسمو الشرعية الدولية وتطبيق ميثاق وأهداف وقرارات الأمم المتحدة دون إزدواجية وإنتقائية.
فلسطين وحرية شعبها وتمكينه من إقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس ستبقى البوصلة والتحدي.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها