للاسف الشديد، سقط العديد من الكتاب والمثقفين عندنا من الذين ارتضوا " الفيس بوك" صفحة لكتاباتهم ، سقطوا خلال العدوان الحربي الاسرائيلي على ابناء شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، في هاوية المواقف الشعبوية والانفعالية بشائعاتها وشعارتها الصبيانية، حتى ان بعضهم حول هذه الصفحة الى ساحة معركة حامية الوطيس، بدت وكأنها ستنتهي بتحرير الاسكندرونة وليس فلسطين من النهر الى البحر فحسب، لشدة عباراتهم الثورية التي لم تكن تدين العدوان وتدعو الى وحدة الموقف الوطني لمواجهته، بقدر ما كانت تهاجم وتشكك وتتهم السلطة الوطنية "بتخاذل" افترضته ماكينة الاعلام الاخوانية الالكترونية على نحو خاص، واخريات لا يعرف لها هوية محددة ...!!
وانه لأمر مؤسف حقا ان يتحول كتاب ومثقفون، بعضهم يعرف بشدة يساريته واخر بشدة ليبراليته الى مجرد " كورس" يردد مقولات تلك الماكينة وشعاراتها الصبيانية ويروج شائعاتها وفبركاتها التي ما انزل الله بها من سلطان، لا بل انه من المؤلم ان تغيب عن هؤلاء ان اللغة التي تفرق وتقسم وتقصي وتتهم وتشكك، التي ارادتها وتريدها هذه الماكينة، ليست هي لغة المقاومة لأنها ليست لغة الوحدة الوطنية التي وحدها تستطيع ان تواجه العدوان لتضع حدا له، وقد بات واضحا الان ان وحدة الموقف الوطني، بعد ان تجلى بالوفد الفلسطيني الى القاهرة، هو الذي توصل في المحصلة الى وقف العدوان، حماية للدم الفلسطيني ألا يتواصل نزيفه المروع.
اسف وألم، وامل ايضا ان يصحو هؤلاء على حقيقة ان رؤية الواقع بمعطياته وحقائقه المادية لا يمكن ان تكون عبر اقاويل وفبركات الواقع الافتراضي الذي يؤلفه "الفيس بوك" وحيث انه ما من مرجعيات في هذا الواقع وبحكم ان فضاءه مفتوح للقاصي والداني ولآراء الجاهل والعالم معا فان احتمال الدس وارد فيه الى ابعد حد لا سيما ان مخترعي هذه الواسطة والمسيطرين عليها تقنيا يسمحون في النهاية لما يريدون من اراء ومواقف ان تنتشر، بقدر ما ستخدم غاياتهم السياسية التي ليس من بينها وحدة الموقف الوطني وسبل تعزيز الوحدة الوطنية، سلاحنا الامضى في مواجهة الاحتلال.
نأمل بهذه الصحوة حقا، ولعلنا نقول لا بد منها، لا لأن الثقافة لا ترضى لاصحابها ومنتجيها تخاريف الكلام وشطحاته الانفعالية فقط، وانما ايضا وهذا هو الاهم، لأن فلسطين لا تستحق غيابا للوعي من هذا النوع لكتابها ومثقفيها خاصة وهي ما تزال تواجه الاحتلال في دروب النضال المنوعة دونما تراجع ولا تردد، حتى الوصول الى لحظة النصر المكتمل بدولة فلسطين الحرة المستقلة.