يوصف قادة بالتاريخيين لأنهم ينطلقون بقوة دفع وطاقة الفكرة النبيلة, فتراهم حكماء, عقلانيين, واقعيين, يصمدون ولا يتزحزحون عن الحق, لا يفاضلون بين الحياة والموت دونه, فهم مؤمنون بعدالة مؤرخي التاريخ, فيحفرون في صخور أرضهم الطيبة اسماء من الأحياء بعزة وكرامة في زمن قيادتهم, ويخلدون في وعي وذاكرة الشعب بانوراما الوفاء, بصورة ابداعية خلاقة يستلهمها السائرون على الدرب معهم ومن بعدهم.

اما القادة ( المصنّعون ) الطارئون, فإنهم يركبون صهوة ( الأنا ) الجامحة, يطيرون رؤوسا يمينا وشمالا, ويستولون على كل ما تقع عليه سيوف نفوذهم, يدفعون اتباعهم للموت في سبيلهم, ليتمتعوا بملذات الحياة الدنيا, يظنون ان صفحات التاريخ كأوراق الكراس المسطرة, وان باستطاعة الجاهل الأحمق, خط اسمه وسيرته المزيفة, فيصبح علماً, ويكون له ما يريد, غافل بأن القلم قلم الشعب, وان الأرض وصخورها تخشع للأوفياء, فتنبض حبا, تنفجر بالحياة عندما تُذكَر اسماءهم, فهؤلاء يعلمون أن ذاكرة الشعوب كالماس النقي, لكنهم يصرون على تحويل الحديد المتأكسد الى ذهب !.

يستحق وصف القائد التاريخي ومعناه, من كانت المبادئ منهجه, والوطن نبض قلبه, وشغلت حرية وكرامة الناس, وقضاياهم عقله, لكن الذي لا يرى نفسه إلا موظفا رسميا, أو مستخدما ممن هم اكبر منه, يبتغي منهم المكاسب, فانه معني بوصف القائد التاريخي ليغطي سوأته وعورة انحرافه, وضعف قلبه.

القادة التاريخيون يتصدرون جبهات المواجهة والميادين, صادقون, صريحون, مخلصون, أما المُستخدَمون فإنهم في الجبهة الداخلية قاعدون, يشككون, يطعنون, يحبطون, يحطمون بإشاعة اليأس قلاع البلاد وروح صمود العباد.

يعتبر القادة التاريخيون الحقوق وإرادة الشعوب وحتمية انتصار العدالة, والثقة بالعقل الانساني ورحمته سلاحا استراتيجيا رافعا سلميا, سلاحا ليس فتاكا ولا قاتلا حتى, يحرض بصيرة الأحرار في العالم, للاصطفاف مع المظلوم.

أما لصوص مواقع القيادة, المتمترسون بالسلاح الأسود والأبيض, وبخنادق (الأخضر ) العائد من الفساد, فإنهم لا يرتفعون إلا على سلالم يدقون درجاتها من عظام الضحايا الأبرياء.

يعزز القادة التاريخيون ثقة الشعب بالنصر, ويطمئنون الشعب بقدرتهم على حفظ الأمانة ويبرهنون في اخطر المعارك انهم اهل لحملها, فيما يفزع المتجنحون, ويتأزمون, وتأخذهم العزة بالإثم, فتنكسر نفوسهم المثقوبة من شدة نهم دود الفساد المترعرع في اكبادهم, فينهزمون ويولون الأدبار الى الجبال السوداء !!

القائد التاريخي كالرئيس أبو مازن يؤمن بان الشعب اذا ما امتلك المعلومة الحق, امتلك القرار الصواب, فيؤديها للشعب كما علمها, لتكون للشعب الكلمة الفصل.. أما المتلهف المستميت على النفوذ فيستأثر بالمعلومة, فيحولها الى سلاح قذر ليفصل بين الشعب, فيكون له القرار ليجني بنفسه فقط.