مسلسل التهويد في القدس متواصل منذ أن بدأ احتلال المدينة ومنذ أن هزمت الجيوش العربية وهربت من أرض المعركة في حزيران 1967 تاركة أرض المعراج وارض القيامة في أيدي الاحتلال الذي شدد قبضته على المدينة وراح يدعي كذباً وزوراً وحماقة وابتدع من الاساطير والخرافات في وجه التاريخ وظل يرددها في سنوات الاحتلال الطويل وحتى اليوم. لكنه في هذه الأيام يأخذ منحى أكثر خطورة وتطرفا وشكلا يستلزم الوقوف عنده خاصة ان الايام الاخيرة شهدت تصريحات من كبار المتعصبين في كيان الاحتلال تحمل في داخلها نوايا مبيتة ومعدة مسبقاً حول دخول المتطرفين اليهود الى باحات الحرم الشريف بالتزامن مع مطالبة الكيان الاسرائيلي للاردن بانهاء الولاية على الاماكن المقدسة ليتسلمها الاحتلال وهنا تكمن الخطورة التي سوف تكون الخطوة الأولى على طريق بناء هيكلهم المزعوم اذا تمت فعلاً, اضافة الى بعض المشاريع التي يقدمونها في الكنيست لاصدار قوانين وتشريعات هدفها تهويد اكبر وأوسع للمدينة الواقعة تحت الاحتلال, وكل هذا يأتي في ظل صمت عربي وانقسام فلسطيني وتشرذم قومي أدى الى أن تعدُ القدس زمانها وحدها وأن تقف وحدها في المواجهة مع عدو لا يرحم ولا يتوانى عن تنفيذ مخططاته وسياساته بحق المدينة المقدسة وهذه السياسات لا تقتصرعلى عزل المدينة بالجدار العنصري ولا على طرد المقدسيين وتهجيرهم ولا تقف عند حد هدم البيوت والمنازل بل انها تهدف الى هدم الاماكن المقدسة المسيحية والاسلامية لبناء هيكلهم المزعوم على انقاض بيوت الله واماكن العبادة وهذا هو التحدي الحقيقي الذي يعصف بالقدس هذه الايام في الوقت الذي نسمع فيه بعض الاصوات الخجولة التي تستنكر او تشجب والغالبية لا نسمع لها صوتاً في العالم العربي والاسلامي او في العالم الدولي الأمر الذي تعتبره دولة الاحتلال فرصة ذهبية لها خاصة بعد ما يسمى الربيع العربي والاقتتال الحاصل في بعض الدول والتفجيرات واعمال العنف في سوريا ولبنان ومصر والعراق واليمن وغيرها, فحال العرب هذه الايام متشرذم ومنقسم ومترد والوضع العربي برمته صعب وفي تراجع مستمر خاصة ان بعض الاصوات بدأت تقول إن للبيت ربا يحميه كتعبير عن حالة الضعف والاستكانة التي يعيشونها وسط هذه الهجمة على المدينة المقدسة, ولكن نحن كفلسطينيين لا يمكن أن نقول كما قال عبد المطلب لأبرهة حين غزا الكعبة وفضل ماشيته على حماية البيت الحرام (الكعبة) مردداً تلك الجملة التي يرددها الكثير من العرب بنوع من الجهالة حين نقول لهم ان القدس في خطر حقيقي فيردون علينا أن «للبيت ربا يحميه» وهي استكانة وضعف يشبه التخاذل وحالة هروب من مواجهة الواقع الذي يبرهن الضعف الذي أصاب الأمة العربية وحالة واقع الانكسار المؤلم الذي تعيشه الشعوب العربية.

أيها الأشقاء، أيها الأصدقاء: لا وقت للانتظار مع عدو يسابق الزمن فقد حان الوقت كي تكفوا عن عادتكم القديمة بالشجب والاستنكار والإدانة للاحتلال الذي لا يفهم إلا لغة القوة ولا يذعن لحقوق إلا بالهزيمة، حان الوقت لتثأروا وتتخلصوا من عار هزائمكم التي تلاحقكم فلا تدفنوا رؤوسكم بالرمال مرة أخرى ولا تقفوا بأصواتكم الخجولة تتوعدون بينما العدو لا يكترث لأصواتكم ويمضي في سياساته التوسعية والاستيطانية ويسرق من الأرض والتراث والتاريخ.