ونحن على أبواب المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وبالرغم من الضغوط القوية الشعبية الإسرائيلية وقوى أخرى داخل الكيان للاستمرار في تنفيذ المرحلة الثانية من الهدنة وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينين والرهائن الإسرائيليين، هناك ضغوط دولية من مختلف أنحاء العالم على المستويين الشعبي والحكومي، للاستمرار في وقف الحرب والبدء في إعمار غزة. إلا أن هناك تيارًا صاعدًا من اليمين الإسرائيلي في استمرار العدوان على قطاع غزة، وتوجهات من الحكومة الإسرائيلية لتحقيق أهداف أمنية وسياسية، وتحقيق التوازن الدولي في هذا المجال. ومما لا شك فيه أن نجاح أي من هذه التوجهات يعتمد على استمرار المفاوضات، وبذل الجهود لمنع الانزلاق إلى اندلاع العمليات العسكرية في غزة، إضافة إلى التزام ببنود الاتفاق بين الطرفين دون استفزاز أي طرف من الأطراف. وهنا أعتقد أن الطرف الإسرائيلي قد عزز موقفه مع الرئيس ترامب من أجل تحقيق أهداف إسرائيل في الحرب، وهذا في اعتقادي يعزز من الجولة الجديدة من العدوان على غزة، وخاصةً أن الرئيس ترامب قد رفع الغطاء عن حظر الأسلحة والقنابل الذكية بوزن 2000 باوند. علاوةً على أن تلميحات ترامب بخصوص تهجير سكان غزة، هي إشارة سلبية توحي أن القادم ليس سهلاً بخصوص قطاع غزة، والمهم كيف يمكن تجنب ذلك؟.

أعتقد أن على حركة حماس أن تبذل جهدًا كبيرًا في تجنب الحرب، من خلال تحسين الأوراق التي يمكن لها، أن تتحصن من خلفها في تجنب موجات جديدة من العمليات العسكرية الإسرائيلية والبطش الإسرائيلي الذي سيطول المدنيين الفلسطينيين، بشكل مباشر وعنيف. وأن من أهم تلك الأوراق هي الوحدة الوطنية، والانخراط في منظمة التحرير الفلسطينية، وبهذا تكون حماس قد سحبت البساط من تحت إسرائيل والذرائع للاستمرار في عدوانها على قطاع غزة. لذا من المهم أن تبدء الحوارات الداخلية الفلسطينية، كما يتوجب أن تسير بتسارع أكبر من تلك التي تدور في قطر والقاهرة بين حماس وإسرائيل، بحيث تلقي حماس الكرة إلى خارج مرماها، وبهذا تنهي أهم الحجج الإسرائيلية في استمرار الحرب بحجة حكم حماس في اليوم الثاني لانتهاء الحرب، ستبقى منظمة التحرير الفلسطينية البيت الدافئ لكل الفلسطيني وورقة النجاة لقطاع غزة.

اليوم الكل الفلسطيني هو معني بوقف هذه الحرب، ومعني أيضًا بعدم امتدادها إلى دول الإقليم أيضًا، وهذا السيل الجارف من الدماء في قطاع غزة. المطلوب هو كما تدار الحرب، أن يدار السلم أيضًا وهو الأهم للحفاظ على الشعب الفلسطيني من متاهات، هو في غنى عنها. لأن كل السيناريوهات التي من الممكن أن تعقد المشهد اليوم موجودة على الطاولة وبقوة وبدعم من البيت الأبيض، لفرض أجنداتها على الشعب الفلسطيني والعربي. كلما تم تعزيز الأوراق في هذه اللعبة الخطرة من خلال ترتيب البيت الفلسطيني، والدعم العربي سيتم تعزيز السلم في قطاع غزة، وكلما تحسنت الفرص في الابتعاد عن شبح الحرب، وعلى العكس تمامًا كلما ظهرت التحديات والمشاهد التي لا تغني ولا تسمن من جوع، تعقد المشهد وكأننا سوف نسمع  طبول الحرب تقرع من جديد. فلا تتمنوا لقاء العدو، والسلامة كل السلامة لشعبنا في غزة وفي محافظات الوطن كافة.