بقلم: نديم علاوي

"عندما نادى السجان على أسمائنا في سجن (نفحة) الصحراوي، شعرنا أن لحظة الحرية اقتربت، لكن الاحتلال لم يشأ أن نغادر دون أن يترك بصماته الأخيرة". هكذا روى المحرران علاء جبريل دمنهوري وعبد الناصر محمد رزق من أريحا، اللذان أُفرج عنهما ضمن الدفعة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار على قطاع غزة، وجرى إبعادهما إلى مصر.

واعتقل الاحتلال الدمنهوري في 30 تشرين الأول/أكتوبر 2006، وحكم عليه بالسجن المؤبد، وأمضى أكثر من 18 عامًا في سجون الاحتلال. كما اعتقل رزق في 9 تموز/يوليو 2007، بعد إطلاق النار عليه وإصابته بجروح، وحكمت عليه بالسجن المؤبد، حيث أمضى أكثر من 17 عامًا في سجون الاحتلال.

وفي الأيام الخمسة الأخيرة التي سبقت موعد الإفراج، تعرض المعتقلون لاعتداءات وحشية على أيدي وحدات القمع في سجون الاحتلال، وأجبروا أكثر من 30 معتقلاً في سجن "نفحة" على خلع ملابسهم، وضربوهم على أضلاعهم بقبضات قاسية وبأعقاب البنادق، ما أدى لكسور وإصابات بالغة، وفق الدمنهوري ورزق.

ويقول الدمنهوري: "أغمي عليّ من شدة الضرب، وشعرت أنني بين الحياة والموت".

وجرى نقل المعتقلين إلى سجن النقب، حيث عانوا من البرد القارس دون أغطية، وناموا على الأرض وسط الغبار والأوساخ، في ظروف تنتهك الكرامة الإنسانية.

وأوضح الدمنهوري أن الضرب الذي تعرض له أدى إلى كسور في صدره وتمزق في الرباط الصليبي، بينما يعاني آخرون من كسور في الأضلاع وتشنجات شديدة.

ويؤكد أن اعتداءات الاحتلال على المعتقلين تأتي ضمن سياسة مدروسة تستند إلى مشروع قرار ما يسمى "وزير الأمن القومي" في حكومة الاحتلال، المتطرف إيتمار بن غفير، الذي دعا إلى إعدام المعتقلين الفلسطينيين.

بدوره، يؤكد المحرر عمر صالح الشريف (43 عامًا) من بلدة بيت حنينا في القدس المحتلة، أن الاحتلال تعمد إذلال المعتقلين أثناء عملية الإفراج، حيث تعرضوا للتفتيش المهين والضرب بالعصي والهراوات.

ولفت الشريف إلى أن أحد السجانين وصف هذه الاعتداءات بـ"التوديعة".

واعتقل الاحتلال الشريف بتاريخ 19 حزيران/يونيو 2003، وحكم عليه بالسجن المؤبد 18 مرة، وحرمه من وداع والده الذي توفي عام 2018 عن عمر ناهز 62 عامًا، وأبعده إلى مصر عقب الإفراج عنه.

من جانبه، يؤكد جبريل رزق، شقيق المحرر عبد الناصر، أن الاحتلال استهدف المعتقلين حتى في طعامهم في الفترة التي سبقت الإفراج عنهم، داعيًا إلى دعمهم وإسنادهم بعد الإفراج عنهم لضمان عدم تعرضهم للملاحقة.

في السياق ذاته، يؤكد مدير نادي الأسير في أريحا والأغوار، عيد براهمة، أن الاحتلال يواصل انتقامه من المعتقلين حتى خلال الإفراج عنهم، حيث تعرض المحررون من أصحاب الأحكام العالية لاعتداءات عنيفة أدت إلى كسور وإصابات خطيرة.

ووصف رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين، قدورة فارس، ما يتعرض له المعتقلون داخل السجون والمحررون منهم بـ"الحرب الانتقامية" التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي متجاهلاً القوانين الدولية، حيث يواصل جرائمه دون رد فعل دولي حاسم أو مساءلة.

ووفق فارس، فإن 58 معتقلاً استشهدوا منذ السابع من تشرين الأول /أكتوبر 2023، بينما لا يزال العديد من المعتقلين يعانون من آثار التعذيب حتى بعد الإفراج عنهم.