بقلم: محمد دهمان
فتح المسن يعقوب الآغا "80 عامًا" منزله جنوب مدينة خان يونس، أمام العائلات النازحة خلال عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، غير أنه اضطر إلى مغادرته مع تصاعد القصف وأوامر الإخلاء التي أصدرها جيش الاحتلال الإسرائيلي.
ويقول الآغا: لم يكن من الممكن أن أرى عائلات مهجرة دون أن أفتح لها بيتي، نحن نمر بظروف صعبة، لكننا شعب واحد، والواجب أن نكون يدًا واحدة.
لم تتوقف مساعدته للنازحين بعد اضطراره إلى مغادرة منزله، إذ استقبل مئات النازحين في أراضيه بمواصي خان يونس، وقدم لهم ما استطاع من المياه والخدمات الأساسية، حيث كانت زوجته ميسرة الآغا تجهز الطعام والشراب والأغطية للنازحين، إضافة إلى أبنائه الذين شاركوه في متابعة أحوال العائلات.
وأضاف: هذه الأرض هي حياتي، واليوم أصبحت ملاذًا للناس، هذا أقل ما يمكن أن أقدمه في هذه الظروف.
وفي حي السلام بمدينة رفح، تحول منزل المواطن عبد الحي أبو لبدة حديث البناء، إلى ملاذ لعشرات العائلات النازحة من شمال القطاع.
وقال: "لم أتخيل أنني سأفتح بيتي الجديد للنازحين قبل أن أعيش فيه مع عائلتي، لكن هذا هو واجبنا، أن نكون سندا لبعضنا البعض في هذه المحنة".
اضطر أبو لبدة كغيره من المواطنين إلى إخلاء منزله بعد الأوامر التي أصدرها الاحتلال، تاركًا خلفه حلمًا تحول إلى كومة من الركام بعد استهدافه بالقصف.
وأضاف: كل ما بنيته بجهدي أصبح اليوم تحت الأنقاض، ومع ذلك لم ولن أندم على استضافة النازحين، فهذه معركة وجود، ولن نتخلى عن بعضنا مهما كان الثمن.
ومنذ بدء العدوان على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، أصدر الاحتلال أوامر إخلاء لسكان شمال القطاع نحو الجنوب بحجة أنها "مناطق آمنة"، غير أن الجنوب لم يكن بمنأى عن القصف والدمار، فقد واجه سكانه مشاهد مماثلة في القتل والتهجير.
ويواصل النازحون في مناطق النزوح المختلفة على طول محافظات قطاع غزة، حزم أمتعتهم ولملمة مقتنياتهم وما تبقّى لهم من حاجات في مخيمات النزوح، من أجل العودة المرجوة إلى مناطق سكناهم مع دخول "وقف إطلاق النار" حيز التنفيذ بعد 470 يومًا من الحرب الطاحنة التي شنتها إسرائيل ضد البشر والحجر وكل مرافق الحياة في القطاع.
فيما ذكرت شبكة المنظمات الأهلية في غزة في بيان لها، أن نحو 80% من المنازل والبنى التحتية دُمرت خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وقالت: إن تقديرات إعمار قطاع غزة تحتاج من 60 إلى 80 مليار دولار، وإلى وقت زمني من 6 إلى 8 أعوام، وهذا منوط بتوفر الدعم المالي وإدخال البضائع دون تعقيدات أو عرقلة.
وأضافت: أن القطاع يحتاج إلى مراحل عدة منها: الإغاثة الفورية (توفير المأوى والغذاء والدواء)، والتعافي المبكر لإعادة تأهيل البنية التحتية نسبياً، والمرحلة الأخيرة إعادة الإعمار التي هي بحاجة إلى مخططات هندسية جديدة، وأن الإغاثة والتعافي المبكر يتطلبان تدخلاً فوريًا، وهما بحاجة وفق التقديرات إلى عامين على الأقل.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها