بقلم: حسين نظير السنوار

تبددت وتحطمت أحلام آلاف الحاصلين على شهادات عليا في قطاع غزة، إثر عدوان الاحتلال الإسرائيلي الذي طال مناحي الحياة كافة، على مدار أكثر من 15 شهراً.

تعرضت 425 مدرسة حكومية وجامعة ومبنى تابعًا لها و65 تابعًا لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" للقصف والتخريب في القطاع، ما أدى إلى تعرض 171 منها لأضرار بالغة، و77 للتدمير بالكامل، كما تعرضت 109 مدارس و7 جامعات في الضفة للاقتحام والتخريب.

يندب قيس صافي "30 عامًا" حظه بعد أن حرمه عدوان الاحتلال من أن يصبح محاضرًا في إحدى الجامعات بقطاع غزة، إذ أصبح مهجرًا بلا مأوى، وهو الحاصل على شهادة الدكتوراه في علوم اللغة "النحو والصرف" بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى ومن القلائل الحاصلين على هذه الدرجة في القطاع.

ويقول: حصلت على شهادة الدكتوراه قبل عامين، وشاركت في العديد من المؤتمرات العلمية الخاصة باللغة العربية، سواء على المستوى المحلي في جامعات الوطن أو على الصعيد العربي، من خلال المشاركة في ورقة عمل في مؤتمر علمي في دولة الإمارات العربية، وأطمح أن أخدم أبناء شعبي بعلمي من خلال العمل في الجامعات المحلية، إلا أن الحرب بددت كل هذه الأحلام واغتالتها.

يأمل صافي، أن تتم إعادة الإعمار بشكل سريع وتعود عجلة الحياة لما كانت عليه، ليتمكن هو وأصحاب الشهادات العليا من خدمة أبناء شعبنا، مضيفًا أنه رغم حصوله على شهادة الدكتوراه، إلا أنه لم يحالفه الحظ في التدريس في الجامعات على الرغم من حصوله على عدة مساقات لتدريسها في الجامعة الإسلامية بغزة، فإن العدوان أخذ كل أحلامه، وأخذ جامعته ومبانيها بعد أن تم تدميرها بالكامل.

بينما يقول أمجد زقوت الحاصل على درجة الماجستير في تكنولوجيا المعلومات، الذي لم يحظَ بوظيفة تليق بتخصصه، فاضطر إلى فتح مقهى للإنترنت، رغم الطلب العالي عالميًا على خريجي الكليات التكنولوجية، خاصة حملة الشهادات العليا منهم.

أما توفيق عبد الجواد، الحاصل على الدكتوراه في التربية فيقول: إن أصحاب الشهادات العليا يحظون بأقل الفرص في الوظائف في القطاع، نظرًا للأوضاع الصعبة التي يمر بها منذ سنوات طويلة.

ويضيف: أنه رغم حصوله على درجة علمية رفيعة، فإنه لم يحظَ بأية وظيفة ثابتة، بل عمل في مشاريع عدة على مدار سنوات بنظام عقود مؤقتة أو بطالة أو مشاريع خاصة مؤقتة، لافتًا إلى أن المشغلين يعتمدون على نظام التشغيل المؤقت خوفًا وخشيةً منهم أن يطالب المستفيد بحقوقه المالية والإدارية.

وتمنى عبد الجواد أن تتوفر لديه فرصة عمل تتناسب مع شهادته العلمية، خاصة أن المرحلة المقبلة خاصة بالنسبة إلى الأطفال والطلبة بحاجة إلى نظام تعليمي يتماشى مع الوضع الذي عايشوه طيلة فترة العدوان.

بدوره، يأمل بكر غريب الحاصل على الماجستير في الإرشاد التربوي والنفسي، أن تعمل المؤسسات المحلية والدولية التي تُعنى بالفرد والمجتمع على فتح المجال لتخصص الإرشاد النفسي للعمل في الفترة المقبلة، نظرا للحالة النفسية الصعبة التي يعانيها معظم أهالي قطاع غزة.

غير أنه لا يريد أن يذهب بأحلامه بعيدًا، بسبب الحالة العامة للمؤسسات التعليمية التي تعرّض أغلبها للتدمير والاستهداف، ما يؤثر بشكل كبير في فرص توظيف خريجي التخصصات التعليمية.

وتشير بيانات الجهاز المركزي للإحصاء قبل نهاية عام 2023 إلى أن من بين كل مئة شاب وشابة في الفئة العملية (18-29 عامًا) في فلسطين 18 شابًا وشابةً حاصلين على درجة البكالوريوس فأعلى، وأن 23 شابة من بين كل مئة شابة حاصلة على درجة البكالوريوس فأعلى، مقابل 13 شابًا من الذكور.

وأشار "الإحصاء" إلى أنه رغم ارتفاع معدلات التعليم، فإن معدلات البطالة تشكل التحدي الأكبر أمام الشباب، إذ بلغت 59% بين الإناث و32% بين الذكور.