كان من المهم وقف الحرب الدائرة بين حزب الله وإسرائيل، القدرات غير المتكافئة بين الأطراف تجعل اقتحام الدول في حرب يستخدم فيها العدو إمكانياته العسكرية وقدراته النارية التدميرية، مستفحلاً للانتقام والتدمير والقتل بلا حدود من خلال القدرات العسكرية الجوية، وحتى البرية فإن العدو يملك إمكانيات لا تتوفر لدى المقاومة اللبنانية. وهنا لا بد أن نقول أن اتفاق لبنان بكل مكوناته، هو انتصار للبنان أولاً لتخليصها من الدمار الدائر بسبب العدوان القائم على العاصمة اللبنانية وجنوبه، وهو أيضًا انتصار للوحدة الوطنية اللبنانية بأشكاله وألوانه وأطيافه المختلفة، وانتصارًا لحقن الدماء والممتلكات وما آل إليه من دمار كامل واستباحة للدماء اللبنانية، وانتصار لإعادة اللبنانيين إلى بيوتهم وممتلكاتهم التي تركوها بسبب القصف والتدمير الذي شنه الاحتلال عليهم. وهو انتصار لإعادة إعمار لبنان وبناء مؤسساته والتخلص من الشوائب التي علقت فيه، بسبب الوضع الداخلي والمؤثرات الخارجية.

قل ما شئت أو أي كان الرأي إن الاتفاق يكمن فيه بعض النقاط التي تثير التساؤل، وإذا ما كان قد أنهى وحدة الساحات التي قامت بعد السابع من أكتوبر 2023، أو غير ذلك، أو إذا ما تركت غزة وحيدة في المواجهة. لكن كان من المهم أمام تعاظم الخسائر اللبنانية إنهاء هذ الصراع. لقد جاء هذا الاتفاق لجهد كبير قام به مختلف الأطراف اللبنانية، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه أمام جموح وجنوح الاحتلال في عدوانه. يجب أن يعترف الجميع أن لبنان قدم نموذجًا في التلاحم مع غزة، واشتبك مع الاحتلال وأبدع في إطار ما يمكن أن يمنع تدهور الأوضاع والانزلاق إلى حرب واسعة، وكبد العدو خسائر فادحة.

لم تكن المقاومة اللبنانية معتدية على الجانب الإسرائيلي، الذي كان قد اخترق قرار مجلس الأمن 1701 منذ توقيعه، بل إسرائيل هي من قامت باختراق تلك المبادئ منذ التوقيع عليها لأكثر من تسع وثلاثين ألف مرة، دون حسيب أو رقيب أو تنديد من أي جهة كانت. 

يجب أن يكون معلومًا أن لبنان مستهدف من الاحتلال الإسرائيلي، وأن هناك مخططات لتغيير معالمه أو جزء منها إذا ما استطاعت ذلك، فاستهداف منطقة الشرق الأوسط هو في عين محور السياسة الإسرائيلية. ولبنان بكل ما يعنيه اللبنانيون والفلسطينيون والسوريون يعني أنه مقبل على مشروع ضخم يغير من ملامحه ومكوناته التي تعني الكثير وهذا يسهم في تشتيت الشعب الفلسطيني وقضيته. وهذا ما ينطبق على سوريا، والأردن ودول أخرى.

وفي كل الأحوال نحن مع لبنان والقرار اللبناني ليعيد بناء نفسه، في إطار الوحدة الوطنية. ويجب أن يكون معلومًا أن الاتفاق تم التسويق له من قبل الولايات المتحدة الأميركية، وإسرائيل استجابت لرغبة أميركا.