في خضم المفاوضات اللبنانية الإسرائيلية ما زالت تستعر نيران الحرب الإسرائيلية وتزداد شراسة وقوة برعاية وحماية الولايات المتحدة الأميركية على لبنان الشقيق، حيث تسعى حكومة الائتلاف الإسرائيلي فوق النازية انتزاع تنازلات تحت النار والبارود والموت من حزب الله والمفاوض اللبناني برئاسة نبيه بري، رئيس مجلس النواب اللبناني، أعلى هيئة قيادية لبنانية، الذي طال المناطق المختلفة من لبنان، وخاصة في الضاحية الجنوبية وبيروت العاصمة والبقاع وبعلبك، ومع اشتداد المعارك البرية في الجنوب اللبناني، التي فشل الجيش الإسرائيلي في تحقيق أي من أهدافه المعلنة.
وكانت السفيرة الأميركية في لبنان، ليزا جونسون سلمت قبل ثلاثة أيام الرئيس بري مقترحًا أميركيًا جديدًا يوم الجمعة 15 تشرين ثاني/نوفمبر الحالي من 13 نقطة، الذي كشف عن مسودتها الرئيس بري، وأكد معارضة لبنان لبعض البنود الواردة به، وتأييده لجوانب أخرى، وأشار إلى ثلاثة جوانب من المقترح بحاجة إلى مزيد من الدراسة. ومن المفترض أن يكون لبنان تسلم في الساعات الماضية ردًا بشأنها، بعد انقضاء الأيام الثلاثة، التي طلبها بري لاستكمال دراسة الاتفاق، وأضاف قائلاً: إن "لبنان بصدد دراسة الموقف من الآلية المقترحة المتضمنة في المقترح بشأن الإشراف على تنفيذ القرار 1701"، وأكد أن لبنان لن يوافق على الآلية المقترحة في الرؤية الأميركية الإسرائيلية، معتبرًا أن هناك آليات أخرى في قرار مجلس الأمن الدولي 1701 يمكن تفعيلها، وكان تم الاتفاق عليها سابقًا بين بري والمبعوث الأميركي الخاص، هوكشتين، تختلف عما جاء في المقترح الأميركي الجديد.

ومن أبرز النقاط الملغومة في مشروع الاتفاق الأميركي الجديد، التي تتجاوز الجوانب الثلاثة التي أشار لها رئيس مجلس النواب، ومنها: أولاً حق الدفاع عن النفس، يُقر للفريقين حق الردع والدفاع ضمن إطار محدد، وهذا البند يسمح لإسرائيل ضمنًا وعمليًا حق التدخل في الأراضي اللبنانية بذرائع شتى؛ ثانيًا ضبط الأسلحة في لبنان: يُشرف الجيش اللبناني، باعتباره القوة المسلحة الوحيدة في الجنوب، على منع بيع وتصنيع الأسلحة دون موافقة الحكومة اللبنانية؛ ثالثًا سحب القوات الإسرائيلية، تتعهد إسرائيل بسحب قواتها من جنوب لبنان خلال سبعة أيام، ليحل محلها الجيش اللبناني، بإشراف دولي بقيادة الولايات المتحدة، وهذا البند رفضه لبنان بما في ذلك حزب الله. لأن الدول الغربية ومنها بريطانيا وألمانيا غير مقبولة من الحكومة اللبنانية؛ رابعًا تفكيك المنشآت غير الشرعية، يتم إزالة البنية التحتية المسلحة، التي لا تخضع لإشراف الدولة اللبنانية، وهذا البند تحفظ عليه الجيش اللبناني تحديدًا لاعتبارات خاصة به؛ خامسًا سرعة انتشار الجيش اللبناني في الجنوب، الذي أيضًا تحفظ عليه الجيش، لأنه يحتاج إلى وقت أطول للانتشار، وتولي مسؤولية الجنوب.
وطبعًا لبنان الرسمي ومفاوضه الأساسي، بري، أكدوا اعتراف لبنان بالقرار 1701، وشددوا على الالتزام به، كونه الناظم لتنظيم وترتيب الوضع في الجنوب. ووفق المقترح الأميركي إسرائيل ملتزمة بالقرار الأممي، ولكن وفق رؤيتها الجديدة الواردة في مشروع الاتفاق والذي هو محل خلاف بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي. وبالتالي من المبكر الحديث عن الوصول إلى اتفاق دائم.

وفي هذه الأثناء، زار بيروت كبير مستشاري المرشد الأعلى الإيراني علي لاريجاني، بعد شهرين من زيارة وزير خارجية إيران عباس عراقجي، ورئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف خلال شهر أكتوبر الماضي، وكانت تلك الزيارتان سلبيتين بشكل ملحوظ، تجلت أثناء لقاءاتهما مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي. حيث حاول لاريجاني ترطيب الأجواء، من خلال تأكيده على أن طهران تدعم لبنان في مباحثات وقف إطلاق النار.
ومن الواضح أن الزيارات المتعاقبة للمسؤولين الإيرانيين للبنان، تهدف إلى تأكيد الدور الإيراني في لبنان، باعتباره لاعبًا أساسيًا وشريكًا في الحل والربط في القرار اللبناني، وهذا محل تحفظ ورفض من قبل الحكومة اللبنانية والقوى السياسية المختلفة في الساحة اللبنانية. لأنها تلقي بظلال قاتمة على المشهد اللبناني، وكون الغالبية العظمى في لبنان تعتبر ذلك تدخلاً فجًا في الشؤون الداخلية اللبنانية.
بالنتيجة تجري المفاوضات تحت النار، وبشكل وحشي من قبل العدو الإسرائيلي، وخاصة بمضاعفة واشتداد عمليات القصف الجوي العنيف والمكثف على الضاحية الجنوبية وبيروت العاصمة عمومًا، وكان آخرها قصف مبنى فيه مقر لإعلام حزب الله أمس الأحد 17 تشرين الثاني الحالي لحي رأس النبع، ارتقى فيه شهداء من بينهم مسؤول العلاقات الإعلامية في الحزب محمد عفيف، لانتزاع تنازلات جديدة لصالح إسرائيل اللقيطة ورغم ذلك، لا يبدو أنها ستحقق أهدافها، رغم ارتقاء نحو 3500 شهيد و14500 ألف جريح من الشعب اللبناني الشقيق إضافة للتدمير الهائل في الضاحية والجنوب وبعلبك والبقاع والهرمل وغيرها من المناطق اللبنانية