حرب الإبادة الجماعية الصهيو أميركية على الشعب العربي الفلسطيني في كل تجمعاته وأماكن إقامته في الوطن الفلسطيني من النهر إلى البحر والشتات والمهاجر مستمرة على مدار العقود الماضية من الصراع، ولم تتوقف يومًا، وإن اتخذت وسائل وأساليب إرهابية وجرائم حرب وانتهاكات خطيرة عديدة تتجلى معالمها راهنا في حرب الأرض المحروقة على أبناء الشعب في قطاع غزة لليوم 179، والتي أودت بحياة قرابة 33 ألف شهيد ونحو 76 ألف جريح، ومئات آلاف الوحدات السكنية وإخراج الغالبية الساحقة من المستشفيات والمراكز الصحية عن الخدمة، وتدمير مئات المدارس والجامعات، والمئات من المؤسسات والمراكز الحكومية والثقافية والمعابد الدينية، والتدمير الهائل للبني التحتية بمختلف عناوينها من مياه وكهرباء واتصالات وصرف صحي وشوارع، بالإضافة لحرب التجويع والامراض المعدية والأوبئة.
ولم تقتصر حرب الإبادة الإسرائيلية الأميركية على عملية الإبادة والتطهير العرقي للشعب الفلسطيني، بل انها تعمل على توسيع نطاقها لتشمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" الشاهد الحي على قضية اللاجئين الفلسطينيين، التي بدأت عملها في العام 1950، وشكلت رافعة في شد أزر اللاجئين من خلال تقديم الخدمات اللوجستية والصحية والتربوية والمساعدات العينية من المواد التموينية والغذائية، وتضم نحو 13 ألف موظف، حتى باتت المؤسسة الأكثر تأهيلا وخبرة في تقديم الخدمات والمساعدات الإنسانية لأبناء الشعب الفلسطيني، والأهم من حيث التنظيم والإدارة نتاج ما تملكه خبرة، وما حصدته من معلومات ومعطيات ذات صلة بالسكان الفلسطينيين واحتياجاتهم الإنسانية.
هذه الوكالة الأممية منذ صفقة القرن الترامبية المشؤومة مطلع 2017 وهي في مرمى نيران المخططات التامرية الأميركية الإسرائيلية، مرة بقطع المساعدات عنها، ومرة بإلصاق التهم الباطلة بموظفيها، واتهامهم بالفساد، ومرة بالصاق التهم ببعض موظفيها من أبناء فلسطين في غزة بالمشاركة في عملية 7 أكتوبر 2023، ومرة بالتهميش والملاحقة من قبل حكومات إسرائيل المتعاقبة، ومنع موظفيها من الدخول إلى فلسطين لمواصلة عملهم بذرائع مختلفة، ومرة بتوجيه أقذع ألتهم والإساءات للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش، واتهامه ب"النازية" و"معاداة السامية" لأنه نطق بالحق، والآن تعمل القيادات السياسية والعسكرية على شطب وكالة الغوث "الاونروا" كليا من الوجود، وهذا ما اشارت اليه صحيفة "الغارديان" البريطانية أول أمس الأحد 31 مارس الماضي نقلا عن مصدر مطلع من الأمم المتحدة:
ويفيد خبرها، أن إسرائيل قدمت مقترحًا لتفكيك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في فلسطين. وتقوم ركائز المخطط الاجرامي القديم الجديد على نقل وظائف الأونروا الى وكالة بديلة، حيث سيتم نقل بين 300 و400 موظف من موظفيها إلى وكالة أخرى تابعة للأمم المتحدة مثل برنامج الأغذية العالمي، أو إلى منظمة جديدة تم انشاؤها خصيصًا لتوزيع المساعدات الغذائية في غزة، والذريعة تسهيل توصيل المواد الغذائية على نطاق واسع إلى غزة. وصاحب الاقتراح هذه المرة هرتسي هليفي، رئيس أركان الجيش الابادة الإسرائيلي أواخر الأسبوع الماضي إلى مسؤولي الأمم المتحدة في إسرائيل، الذين أحالوه إلى الأمين العام غوتيرش السبت 30 مارس الماضي.
ومعروف للقاصي والداني، أن وكالة الغوث "الأونروا" هي أكبر منظمة تمتاز بالقدرة العالية على تقديم الخدمات الغذائية والإنسانية الأخرى منذ مطلع خمسينيات القرن العشرين لأبناء الشعب الفلسطيني. ولديها المعلومات والداته الضرورية والجاهزية العالية لتنفيذ أضخم عملية توزيع للمساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني. وطالما هذه المؤسسة الأممية موجودة وقائمة، وتعمل بجهد وكفاءة عالية منذ 75 عامًا خلت، لماذا يجري العمل على تدميرها؟ وما هي المصلحة من وراء ذلك سوى شطب وتصفية ملف اللاجئين الفلسطينيين؟ وأليست عملية تصفية "الاونروا" استكمالاً لعملية الإبادة للشعب ولحقوقه الإنسانية وللشاهد على نكبة وجريمة العصر الامبريالية والصهيونية؟ وهل نجحت مشاريعكم ومخططاتكم التآمرية السابقة في تصفية ملف اللاجئين، حتى تعودوا الكرة ثانية وثالثة ورابعة لتجربوا اساليبكم ومشاريعكم المجربة والفاشلة والبائسة والمهزومة؟ وهل تعتقدوا أن العالم سيتوافق معكم بعدما افتضح أمر تزييفكم للأكاذيب والتلفيقات السابقة بشأن تورط عدد من الموظفين الفلسطينيين بما حدث في 7 أكتوبر؟
مرة أخرى أؤكد، أن مخطط الترانسفير والتهجير القسري والتطهير العرقي والتوطين ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني لن تفلح، وستبوء بالفشل على صخرة صمود ودفاع الشعب الفلسطيني عن حقوقه الوطنية، ولن تتمكن حرب الإبادة الجماعية من النجاح في تصفية وكالة "الأونروا"، وستبقى شاهد الاثبات على جريمة النكبة حتى عودة آخر لاجئ فلسطيني لبيته وداره ومدينته وقريته، وعندئذ لكل حادث حديث.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها