كل القرارات الدولية وكل المبادرات والأفكار والأطروحات التي تعلقت بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، من أجل وضع نهاية له أو خروجًا منه، فشلت بشكل او بآخر ، إما أنها غير واقعية أو لم يتم الاتفاق عليها أو تم تجاوزها أو اهمالها او عدم التعاطي معها أو تطبيقها بما يخدم مصلحة المحتل القوي أو من يدعمه. إن فشل جميع المقترحات أو المبادرات التي تم طرحها حتى الآن منذ أكثر من 75 سنة إنما يعود ضمن أمور أخرى إلى أن تلك الحلول كانت على حساب الضحية دائماً، فالمطلوب من هذه الضحية ان تعدل سلوكها أو أن تغير وعيها أو أن تقبل إنقاص جغرافيتها، كان المطلوب دائمًا أن تقوم الضحية بتهدئة الطرف الأقوى ونزع مخاوفه وطمأنته ومنحه احساساً بالأمن والرضا والقناعة، كان على الضحية دائماً أن تثبت حسن نواياها مسبقاً، وأن تدفع استحقاقات الهدوء والاستقرار من قوت يومها ولحمها الحي ومائها ودمائها وهوائها وترابها وعدد أشجارها، في كل المقترحات والمبادرات، كان على الضحية أن تنظف وعيها ووجدانها من المشاعر السلبية والاتجاهات والغضب والحزن وحتى الفرح.
كل المبادرات والافكار والطروحات منذ 75 سنة أو أكثر افترضت إن الضحية هي التي يتوجب عليها أن تدفع ثمن كل شيء، وأن تشتري بدمها وأحلامها وأمالها مجرد البقاء.
فشلت كل الحلول والمقترحات لأنها افترضت أن الضحية لا تحلم ولا تأمل ولا تشبه الأقوياء أو الاغنياء، وافترضت أن الضحية بلا تاريخ ولا جذور ولا مرجعيات، كأن هذه الضحية جاءت من العدم وتذهب إلى العدم مرة آخرى.
كل الحلول وحتى هذه اللحظة افترضت أن الضحية مهزومة من الداخل والخارج وعليها أن تدفع ثمن هذه الهزيمة، وأن عليها أن تقبل بالمعروض عليها مهما كان ناقصاً أو هزيلاً أو غير مقنع.
كل المبادرات والحلول افترضت ان الضحية يمكن اعادة تركيبها أو تفكيكها أو هندستها أو رسم حياتها الحاضرة او المستقبلية، وأن الضحية لا تستطيع ان تقرر وحدها. فلا بد من فرض من ينوب عنها أو يمثلها، وعلى عكس جميع شعوب الأرض، فلا تستطيع الضحية أن تختار ممثليها ولا مناهج مدارسها ولا أسماء شوارعها ولا كلمات اغانيها ولا عدد الطوابق في عماراتها، وعلى عكس جميع الشعوب، فإن الضحية في حالتنا لا تستطيع أن تحمي ما تبنى ولا أن تذود عن احواض النعناع أو أشجار الكينا أو إقفال الخزائن، في حالتنا فان أبواب الضحية مفتوحة وظهرها مكشوف ولحوم أبنائها متاح وسهل.
الحلول تفشل لأنها تفترض أن الضحية ليست بحاجة إلى الأمن بقدر حاجتها إلى الخبز، وأنها ليست بحاجة إلى السيادة بقدر حاجتها الى التكيف، وأنها ليست بحاجة إلى جغرافيا بقدر حاجتها إلى "تصريح مرور". وأنها ليست بحاجة إلى تطوير ذات وطنية بقدر حاجتها إلى وثيقة تعريف بيومترية تظهر عدد مخالفاته وسني سجنه.
الحلول تفشل وستفشل اذا ظلت تفترض أن الضحية يمكن أن يتم خداعها والالتفاف على مطالبها إلى الابد.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها