ليست المرة الأولى التي يكون فيها المسجد الأقصى عنوان المقاومة ضد الاحتلال، فثورة البراق والانتفاضة الثانية وهبة البوابات الالكترونية وغيرها الكثير شواهد حية على أهمية الأقصى بالنسبة للفلسطينيين واستعدادهم للمقاومة والموت في سبيل الحفاظ عليه ومنع تدنيسه من قبل الاحتلال وقطعان المستوطنين المتطرفين. ومع كل ثورة فلسطينية يستنهض الساسة الإسرائيليون قاماتهم المترهلة ويتحدثون عن التزامهم بالتهدئة والحفاظ على الوضع القائم في الحرم القدسي، ولكنهم بالمقابل يتحدثون عن حرية العبادة للجميع؟. وتحتوي روايتهم المضللة هذه على الاعتراف فقط بالمسقفات الإسلامية دون الاعتراف بمساحة الحرم القدسي البالغه 144 دونما، وهم بهذا يضمرون بدهاء إمكانية السماح للجماعات اليهودية بالصلاة وذبح القرابين خارج المسقفات المقدسة الإسلامية. وهذا هو بالضبط جوهر الصراع، صراع الرواية وصراع الوجود. وفي كل مرة يحاولون فرض هذا التقسيم المكاني وخاصة في أعيادهم اليهودية تحدث ثورة شعبية عفوية ضد سياساتهم الرامية لتهويد الحرم القدسي. ومع ذلك فهم لم يتعلموا الدرس بعد!. يستمرون في محاولاتهم في كل مناسبة دينية لهم. وقد تصاعدت هذه المحاولات مع إستلام الصهيونية الدينية مقاليد الحكم في حكومة نتنياهو الحالية. حيث ينظم بن غفير اقتحامات منظمة للجماعات اليهودية المتطرفة للحرم القدسي، وقام مؤخراً بالحصول على تمويل من الخزانة الاسرائيلية بقيمة مليار شيكل لتجنيد ميليشيا الحرس الوطني من المستوطنيين بهدف حماية هذه الجماعات وتوفير الغطاء القانوني لها. ليس هذا فقط، بل إن تسريبات إسرائيلية تتحدث عن اتفاق سري في إطار تشكيل الائتلاف الحاكم بين نتنياهو وبن غفير وسموتريتش يقضي بافتتاح ما يسمى بالهيكل المزعوم تحت حائط البراق، وقد تم إنجاز هذا المشروع التهويدي منذ عدة سنوات ويتسع الآن لنحو 5000 مصلي يهودي، ولكنه ينتظر القرار السياسي بافتتاحه، وكل هذه الاقتحامات المتكررة للمسجد الاقصى هدفها توفير البيئة السياسية المناسبة لإعلان افتتاح المرحلة الأولى من الهيكل المزعوم. والساسة الإسرائيليون يدركون جيداً أنه في اللحظة التي يتم السكوت الفلسطيني والعربي والإسلامي والدولي عن اقتحامات الجماعات اليهودية للحرم القدسي، فإنها ستكون اللحظة المناسبة لافتتاح هيكلهم المزعوم أمام المصلين اليهود. ولكن هذه اللحظة لم ولن تأتي. وعلى الإسرائيليين أن يتعلموا الدرس جيداً. لا هيكل لهم في الحرم القدسي، ولن يسمح الفلسطينيون بالاعتداء مقدساتهم، وستنشب حرباً إقليمية لا هوادة فيها ضد إسرائيل اذا ما نفذوا مخططاتهم التهويدية.
الذي يحدث الآن في المنطقة ما هو الا دليل واضح على ذلك، ودليل أيضاً على أن الإسرائيليين أغبياء لأنهم لم يتعلموا الدرس بعد!
المصدر:الحياة الجديدة
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها