المعركة مستمرة، ولن تكتفي إسرائيل بالرد الذي وجهته لـ (10) أهداف في غزة و(3) أهداف في جنوب لبنان ردا على الصواريخ التي أطلقت أوقفة في العاصمة المغربية الرباط، تنديدًا بعدوان الاحتلال على المعتكفين في المسجد الأقصى. أمس الأول الخميس الموافق 6/4 الحالي، الخامس عشر من رمضان. وبالتالي الاعتقاد السائد في أوساط بعض المراقبين بأن الأمور تتجه نحو التهدئة، هو اعتقاد غير دقيق، لأنهم أسقطوا العديد من العوامل، التي كبحت الرد الإسرائيلي الافتراضي والمراد من قبل حكومة غلاة الفاشيين، ومنها أولاً دخول الدولة الاستعمارية فعليًا من يوم الأربعاء الماضي إجازة عيد الفصح اليهودي، والتي تستمر لأسبوع؛ ثانيًا وضع المؤسسة الأمنية وإرباكاتها التي أثرت على جاهزيتها في أعقاب الصراع الداخلي ضد الانقلاب القضائي ترك بصمات ضبابية على استعداد الجيش والمنظومة العسكرية عمومًا؛ ثالثًا البيان الذي أصدره "الكابينت المصغر" مساء الخميس يكشف المدى الذي تسعى إليه إسرائيل للرد على العملية؛ رابعًا الضوء الأخضر الأميركي الذي منحته الإدارة للحكومة الفاشية لتقرر بنفسها ردها على عملية إطلاق عشرات الصواريخ من القليلة ورأس العين في الجنوب اللبناني على المستعمرات في الجليل الأعلى؛ خامسًا الرد الذي تم على قطاع غزة، لا يرتبط بالصواريخ من لبنان، وفقًا لمصدر إسرائيلي إنما رد على ما أطلق من صواريخ من غزة؛ سادسًا حكومة الترويكا الفاشية انتظرت بفارغ الصبر حرف بوصلة الصراع الداخلي نحو الخارج، وإسكات صوت المعارضة، ما يسمح لها تحقيق أكثر من هدف وخاصة تمرير انقلابها القضائي؛ سابعًا أخذ الاحتياطات الأمنية الضرورية في المناطق الحساسة في ميناء حيفا وغيره من المواقع الإسرائيلية الحساسة. 


والأهم أن معركة القدس عمومًا، والمسجد الأقصى خصوصًا ما زالت مشتعلة، لا سيما أن هناك توجها واضحا لتصعيد الانتهاكات ومطاردة المعتكفين من المرابطين في المصلى القبلي من قبل شرطة حرس الحدود الاحتلالي وقطعان المستعمرين. وهذه المعركة كانت وما زالت عنوان أساس للمعارك الأخرى من غزة وجنوب لبنان، وبالتالي الصراع مستمر، وقد يتسم بالقصف الجوي والبحري الكثيف في هذه الجولة، بالإضافة للجوء لعمليات خاصة تشمل اغتيالات وعمليات تدمير لبعض الأنفاق أو المراكز والمؤسسات الأمنية الفلسطينية أو اللبنانية، دون أن يلجأ لاستخدام القوات البرية، التي قد لا تكون لديها الجاهزية راهنًا، وهذا ما صرح به نتنياهو أمس في أعقاب تقييم عملية الأغوار الوسطى. 


ومع ذلك، من السابق لأوانه الحديث عن تراجع قوة الرد الإسرائيلية، رغم كل المعطيات المائلة في الواقع الإسرائيلي، لأن التصعيد الذي تم أمس الأول سيساهم في لجوء القيادة العسكرية الإسرائيلية لاتخاذ إجراءات حازمة ورادعة ضد الضباط والجنود، الذين استنكفوا عن العمل ردًا على الانقلاب القضائي لحكومة نتنياهو السادسة، ما سيساهم بتمكن وزارة الحرب وغيرها من المؤسسات الأمنية لاستعادة جاهزيتها، أضف إلى أن إسرائيل حسب تغريدة إيهود باراك، رئيس الوزراء الأسبق يوم الثلاثاء الموافق 4/4 الحالي، عندما اعترف لأول مرة بامتلاك إسرائيل للسلاح النووي، وبالتالي دعا الإسرائيليين للمعايدة بهدوء، ولا خشية عليهم. 


إذاً الهدوء النسبي الذي لجأت له القيادة الإسرائيلية، هو هدوء بقرار خاص لحين انتهاء إجازة الفصح، ولشعورها أنها الآن ليست في عجلة من أمرها للرد مباشرة على إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان ومن المحافظات الجنوبية، وفي محاولة لاستثمار الانفتاح من الحكام العرب، وإعطائهم إنجازًا وهميًا يسمى "التهدئة"، وهي ليست كذلك إسرائيليًا، لأن رئيس الأركان الإسرائيلي، هرتسي هليفي دعا أمس الجمعة 7/4 الاحتياط من سلاح الجو والدفاع الجوي للالتحاق بمواقعهم. كما أن وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين أكد أمس أيضًا ضرورة الرد القاسي على المقاومة. كما أن تركيبة حكومة الترويكا الفاشية لا تقبل القسمة على التهدئة، وتمرير العملية مرور الكرام، ومجرد قصف 3 أهداف في أراض مفتوحة لا تشبع دموية وفاشية القتلة الإسرائيليين. 


وارتباطًا بما تقدم، فإن التصعيد على القدس سيتواصل دون تردد، وسيستمر على لبنان وقطاع غزة وإذا تدخلت الجبهة السورية أيضًا ستتعرض للقصف الإسرائيلي، وهو ما يشير إلى أننا سنكون أمام لحظة سياسية وعسكرية صعبة جدًا، لأن إسرائيل المارقة والخارجة على القانون لا تلتزم لا بالقانون الدولي، ولا بالقرار 1701 ولا بغيره من القرارات أو الاتفاقات، كونها تلتزم برؤيتها الإرهابية الفاشية القائمة على التطهير العرقي والعنصرية، لأنها دولة ولدت من روح الجريمة والمحرقة والمذبحة. والساعات أو بحد أقصى الأيام القليلة القادمة ستحمل الجواب. 

المصدر: الحياة الجديدة