راعني ما أشار إليه أحد الأصدقاء الأفارقة في ندوة أقيمت في بريتوريا عاصمة جنوب إفريقيا قبل أيام، خلال فعاليات إحياء يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، خاصة عندما قال إنه وأصدقاءه الذين وقفوا تاريخيا مع فلسطين يتساءلون عن غياب الدعم الشعبي الإفريقي لفلسطين بعدما كانت الأخيرة تؤلب القلوب في القارة السوداء، مشيرا إلى أن أبناءه ربما لا يعرفون شيئا عن عدالة قضيتنا فلا يحركون ساكنا ولا يتفاعلون. فبدا مشروعا أن يتساءل صديقنا: أين الجماهير الإفريقية الصاخبة؟ ولماذا لا تخرج اليوم لدعم الفلسطينيين في مطلبهم التحرري في الأمم المتحدة ومحطاتهم النضالية المختلفة؟  

والحقيقة المرة الواجب مواجهتها أننا غالبا ما نتعامل مع أصدقاء الأمس بأنهم 'مضمونون' وأنهم لن يقفوا إلى جانبنا في إفريقيا فحسب وإنما أيضا في كل أرجاء الأرض.

لكن نظرة متأنية على قائمة الذين صوتوا لفلسطين في اليونسكو تظهر مثلا فرقا كبيرا بين ما هو مسلم وما هو واقعي سيما وأن كثيرا من 'المضمونين' قد قرر التصويت بالامتناع في اليونسكو، بل إن البعض قد صدمنا بالتصويت ضدنا.

لذا وجب علينا مواجهة الحقيقة رغم إيلامها لنا وهي أن حضورنا بين أصدقائنا يجب أن يكون أكثر كثافة، فلا يخضع لازدحام جدول شخص ما لا تسعفه مواعيده أن يكون في كل المواقع في آن واحد. وعليه وجب توسيع دائرة الحضور لتجنب التقصير مع أصدقائنا في القارة السوداء وغيرها حتى لا تنطبق اليوم علينا بأن 'البعيد عن العين هو بالفعل بعيد عن القلب'.

إننا اليوم وفي معركتنا الدبلوماسية لا نخوض فقط معركة الأوزان والأحجام، بل أيضا معركة الأرقام والأصوات التي يجب أن تستند إلى قاعدة أن من معنا هو من وقف ويقف معنا وهو ذاته من يصوت ويبقون لصالحنا في أروقة الأمم المتحدة، خاصة وأن هناك من استطال في وعوده وشح في مردوده. وأن من معنا يجب أن يبقى حاضرا في دبلوماسيتنا وعملنا في مناسباته وفي إنجازاته وحتى أزماته.

أن نأتي اليوم على مراجعة قائمة المؤازرين المنسيين خير من ألا نأتي أبدا، سيما وأن جولات أخرى تنتظرنا في الأمم المتحدة. فالاعتراف بتقصيرنا مع البعض اليوم فضيلة حتى لا يصبح غيابنا عادة أصيلة تدفعنا جميعا نحو الهاوية.