لم يفلح المتكسبون من الانقسام، «القاعدون» على تلال البيانات الحماسية من إسماع دوي طلقات مدفعية الاحباط الاعلامي التي فجروها في وسائل الاعلام قبل ساعات من لقاء الرئيس ابو مازن ورئيس االمكتب السياسي لحماس في القاهرة، لكنها بالمقابل برهنت بالقطع أن التيار الممسك بخناق حوالي مليوني فلسطيني في قطاع غزة، ويختطف مصائرهم ومستقبلهم، ويستدرج اطواق الحصار مازال عقبة أمام تنفيذ اتفاق المصالحة، واخراج صفحة الشراكة السياسية الحقيقية الى حيز التطبيق.

حاول خفافيش يتقنون التحليق في الظلمة بفهلويتهم المعهودة خدش مصداقية الرئيس عباس بتوجهه نحو تنفيذ اتفاق المصالحة، فحاولوا عبثا نثر غبار التشكيك ليس بنوايا الرئيس الشخصية وحسب «وانما باستراتيجية حركة فتح للعمل الوطني»، اذ غفل الذين فبركوا التقارير الصحفية مستعينين بمصدر مجهول الهوية من اللجنة المركزية حسب ادعاء «وسيلة الاعلام المحترمة» ان المصالحة واستعادة غزة الى جغرافية دولة فلسطين، واستعادة مليوني فلسطين الى وضعهم الطبيعي كجزء لايتجزأ من الشعب الفلسطيني والعمل الوطني والنضال التحرري لتنضم جهود وخبرات الفلسطينيين في غزة الى خبرات اخوانهم في الوطن في ورشة بناء مؤسسات الدولة التي نناضل من أجل نيل اعتراف العالم بها كحق للشعب الفلسطيني، غفل الذين تلقفوا تقرير «الصحيفة المحترمة» وكأنها مخطوط نزل عليهم من السماء أن فك الحصار واستعادة الحياة الطبيعية للمواطنين في قطاع غزة واجب وطني، كانت الاطر القيادية لحركة فتح قد اتخذت جملة قرارات، وبحثت وناقشت وقررت العمل لرفع الحصار باعتباره على راس أجندة وتعميم الواجبات الوطنية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني.

 

أفحمت عبارة رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل «لقد فتحنا صفحة حقيقية من الشراكة السياسية»

– نفترض مصداقيته - المشككين بنوايا رئيس حركة فتح وقائدها العام رئيس السلطة الوطنية واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، لأن مشعل بكل بساطة ما كان ليخرج بهذا التصريح الا وهو متأكد من جدية وصواب رؤية الرئيس الاستراتيجية للعمل الوطني الفلسطيني في المرحلة المقبلة، فالرئيس ابو مازن قال: «بحثنا المصالحة بكل تفاصيلها، ونحب أن نقول لكم انه لا يوجد خلافات اطلاقا حول أي موضوع.. وأحب أن أقول اننا تناولنا به كل شيء وبالذات التطورات السياسية التي تمر بها القضية الفلسطينية بكل تفاصيلها، ويهمنا جدا أن نتعامل كشركاء وعلينا مسؤولية واحدة تجاه شعبنا وقضيتنا».

لو لم يقتنع خالد مشعل أن الرئيس ابو مازن مؤمن ان الفلسطينيين جميعهم شركاء في القرار والمسؤولية، لخرج للصحافة وقال «لست مقتنعا».. لكن رئيس المكتب السياسي الذي كان قد ارهص بكلمته الايجابية في طهران حول خطاب الرئيس في الأمم المتحدة، وصرح بعبارة ذات مضمون وابعاد سياسية ايجابية جمة عليه التأكيد الآن ان حركته لا تناور لاكتساب الوقت، أو انتظار ما ستؤول اليه نتائج الانتخابات التشريعية في مصر، او الأوضاع في سوريا، او علاقة حماس مع المملكة الاردنية الهاشمية، وانه كمسؤول أول عن القرار في حماس عليه البرهان والتأكيد عمليا أن قرار تنفيذ اتفاق المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية قائم بالفعل في تفكير وذهنية وعقلية القواعد والقيادات بحماس المدنية والعسكرية، وأن المؤمنين بوحدة الشعب الفلسطيني ورفع بنيان نظام سياسي ديمقراطي تعددي يتم التداول فيه على السلطة سلميا هم الغالبون في القرار بحماس، وان المعارضين عليهم الالتزام... الا اذا كان لقاء القاهرة أول أمس سيكون نقطة بداية لبروز تيار واقعي في حماس يقبل بتنفيذ الاتفاق يمهد لارضية ارتكاز بالتفاهم مع حكومة المملكة الاردنية للعمل برؤية سياسية جديدة وبمفاهيم تحدث انقلابا سياسيا في حماس ربما سيؤدي حتما الى عملية فرز الى اتجاهين احدهما يسير نحو الشراكة والانتخابات للفوز بها واستلام السلطة عبر الصناديق مأخوذا بالنتائج التي حصل عليها الاخوان في تونس والمتوقع الحصول عليها في مصير اضافة الى الضوء الخضر من الادارة الأميركية لقبول الاسلاميين في الحكم بالشرق الأوسط والتنسيق معهم لذلك، أما التيار الآخر فيتجه نحو الابقاء على سلطة حماس بغزة، أملا باستمرا ر تدفق الدعم المادي من ايران، وطمعا بتحويل غزة الى حالة أمر واقع بعد علاقات مع مصر قد تتحقق اذا ما فاز الاخوان المسلمون بمصر واستطاعوا احداث تغيير في العلاقة بين القطاع ومصر التي ما زالت حكومتها ومجلسها العسكري حتى الآن متمسكون بتنفيذ الاتفاقيات الدولية.

أمام مشعل مهمة صعبة للغاية وهي اقناع التيار المتشدد في غزة بالشراكة وفتح صفحة حقيقية، أما اذا لم يفلح فعليه قول كلمة الحق