القدس جوهر الحق الفلسطيني التاريخي والطبيعي، والعمل لأجلها مسؤولية وطنية، فالمدينة المقدسة، والعاصمة الأبدية، ستبقى الأمانة الأعظم في رقبة الشعب الفلسطيني عمومًا، والمنخرطين في العمل النضالي، والسياسي والحقوقي والقانوني، والثقافي، والاجتماعي والاقتصادي خصوصًا، ولتحقيق إنجازات لصالحها، ولصالح الحق والمشروع الوطني الفلسطيني، لا بد من التحرر من عقلية الأفق الضيق المرتبط بمصلحة شخصية ما، أو مصالح محددة بأطر خاصة تحت عناوين عديدة. والانطلاق نحو منهج عمل جمعي منظم مؤطر ومؤسس، وبدون ذلك فإن الأجيال ستلومنا، ولن تجد لنا عذرا. فالقدس الآن في ذروة الخطر، يهدد الاحتلال والاستيطان الاستعماري الصهيوني ليس وجهها العربي الفلسطيني الإنساني وحسب، بل قلبها الحضاري، الذي يجب المحافظة عليه.

نتسلح فيما سنأتي على ذكره بقرار المجلس المركزي الفلسطيني القاضي بتوحيد المرجعيات الخاصة بالقدس، العاملة على دعم وتعزيز صمود وإسناد المواطنين الفلسطينيين المقدسيين، وتثبيت وجودهم التاريخي في المدينة وضواحيها، وبالمبادئ والثوابت الوطنية التي ترتكز عليها القيادة السياسية، وتعمل على أساسها في المحافل العربية والدولية، وتحديدًا المنظمات الأممية، القانونية، والعدلية والحقوقية.

فالقدس الشرقية – حيث البلدة التاريخية والمقدسات فيها – حسب قرارات الشرعية الدولية عاصمة لدولة فلسطين، وهذا إنجاز، نعتقد بتطويره، إذا استجمعنا قدراتنا الوطنية، ورسخناها بمرجعية وطنية واحدة، تتحمل مسؤولية معالجة ملفات دعم وإسناد مواطني القدس، في مناحي الحياة كافة: كالتعليم، والاقتصاد، والصحة، والثقافة، وتطوير البنية الاجتماعية وتنميتها، في ظل الطوق الحديدي الذي فرضته سلطات الاحتلال الاسرائيلي على النشاط السياسي الفلسطيني في المدينة، ولعلنا في هذه اللحظة التاريخية نتخذ العمل من أجل القدس، معيارًا لعملنا ونضالنا، لحماية المشروع الوطني الفلسطيني، وحماية أم كتاب التاريخ العربي الإنساني الحضاري الفلسطيني.

لا يتسع المقام هنا لسرد الملفات التي يجب الإسراع لمعالجتها في القدس، ونعتقد بذات الوقت أنها مدونة ومعروفة لدى المرجعيات، لكن المقام يتسع للقول: إن استمرار العطاء بلا حدود من أجل القدس متعلق بتوحيد المرجعيات، وتتشكل منها لجنة قيادية، تعمل وفق خطة وآلية عمل محكمة، تمتلك الصلاحيات اللازمة، والقدرة على اتخاذ القرارات المناسبة، وتكون مسؤولة أمام المجلس الوطني الفلسطيني، عن كل ما يتعلق بأعمالها وإنجازاتها وكذلك عن إخفاقاتها، ونعتقد أن إنشاء مصب واحد لروافد التمويل الخاصة ببرامج دعم القدس، التي تصل لمرجعيات (غير حكومية)، سيكون له بالغ الأثر في تجسيم الإنجازات، ولمس آثارها مباشرة على صمود المواطنين المقدسيين، وهذا الأمر يتطلب تضافر جهود فصائل ومنظمات العمل الوطني، واندماج المرجعيات، لوضع منهج عمل موحد، وفقا لاختصاص كل منها، والاستفادة من تجاربها التي يجب مراجعتها كما نعتقد، بروح مسؤولية وطنية، وتطويرها بما يخدم الهدف الرئيس منها، وهو الحفاظ على القدس عربية بإنسانها الفلسطيني المتجذر والمفاخر بهويته الوطنية، ومعالمها الحضارية التاريخية الدينية.

من المشكلات الطارئة التي تحتاج إلى تحرك نحو الدول الراعية لقضية اللاجئين، والداعمة لوكالة الغوث (الأونروا)، والتوجه نحو محكمة العدل الدولية لطلب الحفاظ على حقوق اللاجئين في المخيمات بالقدس، بالتعلم، والخدمات الصحية، وغيرها، في توجه سلطات الاحتلال لشراء عقارات الوكالة من مالكيها الأصليين، بعد حظر عملها، ومنع التلاميذ أبناء اللاجئين المستفيدين من خدمات الوكالة، من التسجيل في مدارس البلدية، والمدارس الخاصة.

نعتقد بضرورة العمل الآن وليس غدًا وقبل فوات الأوان، حتى تبقى القدس رمزًا خالدًا للشرعية الوطنية الفلسطينية، حاضرًا ومستقبلاً، كما كانت رمزًا للوجود الفلسطيني عبر حقب التاريخ الإنساني والحضاري.