نشهد اليوم حلقة جديدة من مسلسل الجريمة التاريخية بحق الشعب الفلسطيني، ويشاهد العالم تفاصيلها لحظة بلحظة على روحه وسر وجوده وكينونته في القدس، كما يتابع تركيز القوة النارية الاسرائيلية المدمرة على جزء أصيل من شعبنا في غزة، جريمة لا تخضع لمعيار من بدأ إطلاق النار، فالمحتل الاسرائيلي الصهيوني المغتصب الوكيل للدول الاستعمارية كان بدأ جريمته (عدوانه) الأطول في تاريخ البشرية منذ إنشاء أول مستوطنة للغزاة الغرباء على أرض وطننا فلسطين.. بدأت – كما روجوا بالزراعة، لكنهم في الحقيقة أخفوا أهدافهم الحقيقية وهي زرع الموت والمعاناة والكارثة لدى كل عائلة فلسطينية، والدمار في كل متر مربع من أرض فلسطين مازال صاحبها الفلسطيني يمدها بالحياة من عروقه.
اغتصب أرض وطننا ( فلسطين ) غزاة ارتكبوا وما زالوا يرتكبون جريمة ضد الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني منذ سنة 1897 - مؤتمر المنظمة الصهيونية – في بازل بسويسرا – بعد إرهاصات مستعمرين أميركيين، على رأسهم جون ماكدونالد، وآخرون استخدموا الدين والكنيسة، ودعوا منذ سنة 1881 بضرورة عودة اليهود إلى فلسطين التي نعتوها " أرض صهيون ". أما كلواندا مانيور زوجة تاجر كبير، فقد اشترت أراضي بمساحات كبيرة، بعد إرسال مجموعة من رجال الدين إلى فلسطين للتغطية على مشروع إنشاء مستوطنات وتمليكها ليهود.
قبل هذا التاريخ كان الاتحاد الإسرائيلي العالمي (الاليانس) قد تأسس سنة 1860م، واستأجر 2600 دونم لمدة 99 عاماً في زمن سيطرة الدولة العثمانية على فلسطين، لإنشاء مدرسة (مستوطنة) زراعية مولها البارون روتشيلد.
تعتبر مستوطنة (مكفا اسرائيل) التي انشئت على أرض القدس سنة 1870 – حسب مؤرخي الاستيطان اليهودي - أول قاعدة استعمارية استيطانية صبغت بعناوين وأهداف زراعية، فيما يعتبر مؤرخون اسرائيليون آخرون سنة 1881 التاريخ الرسمي للاستيطان اليهودي في فلسطين، عندما انشئت من سنوات 1882 و1884 مجموعة مستوطنات بعد شراء 3375 دونما من قرية ملبس سنة 1878 سجلت باسم النمساوي سلومون، وعلى هذه المساحة من أرضنا تم إحضار 3000 يهودي من أوروبا الشرقية، ونلاحظ هنا حجم العمل المنظم الممنهج لمنظمات ومؤسسات صهيونية يهودية ممولة من شخصيات يهودية معروفة بثرائها مثل روتشيلد الذي أسس ومول (منظمة بيكا)، فيما تولت الوكالة اليهودية التي انبثقت من مؤتمر المنظمة الصهيونية العالمي الأول سنة 1897م، العمل على اقتلاع المواطنين اليهود من أوطانهم الأصلية، وإحضارهم الى فلسطين، وفق خطط مرسومة وممولة من الصندوق القومي اليهودي "الكيرن كايمت" وصندوق التأسيس اليهودي" الكيرن هايسود" من لحظة اقتلاع اليهود من بلادهم الأصلية الى لحظة وصولهم ودعمهم ماديا للاستقرار والاستمرار والتوسع على حساب مواطني فلسطين أصحاب الحق التاريخي.
يجب الملاحظة هنا أيضا ان مستوطنة ( بتاح تكفا ) كانت العلامة على بداية تأسيس الاستيطان المنظم، حيث انشئت بعدها مجموعة مستوطنات خلال 10 سنوات: (ريشون ليتسيون وزخرون يعقوب وروش يبنا، يسود همعليه وعفرون وجديرا، ورحوبوت ومشمار هيارون، ولم تظهرالمستوطنات بشكل منتظم خلال القرن التاسع عشر إلا في عام 1878م، عندما تمكنت مجموعة من يهود القدس من تأسيس مستوطنة بتاح تكفا. وفي عام 1882م، تم إنشاء ثلاث مستوطنات، وبعد انعقاد المؤتمر الصهيوني العالمي الثاني عام 1898م، أقر قانون المنظمة الصهيونية العالمية التي أخذت على عاتقها كافة الشؤون المتعلقة بالاستيطان، بعد أن وصل عدد المستوطنات الإسرائيلية الزراعية إلى"22" مستوطنة، سيطرت على200 ألف دونم، ارتفعت إلى 418 ألف دونم.
لو تعمقنا أكثر في أحداث التاريخ لوجدنا أن الجريمة التاريخية بحق الشعب الفلسطيني، وارض وطنه فلسطين، مؤسسة على سوابق عملية قبل انطلاق وتيرتها المتصلة منذ قرن وربع أي منذ مؤتمر المنظمة الصهيونية في بازل سنة 1897- فالجريمة التاريخية التي اتخذت اشكالا متعددة كالمجازر، والحروب، والتهجير والاحتلال والاستيطان والتطهير العرقي وأشد تطبيقات العنصرية، مسجلة في كتب التاريخ، ومعلوم لكل باحث عن الحقيقة المخطط والمنفذ والمساعد والمتآمر أيضا، وكذلك أدواتها المادية والبشرية المستخدمة!
المصدر: الحياة الجديدة
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها