نعتقد أن عملية اغتيال المناضل الصحفي خليل الزبن أول اختبارات ردود الفعل المحتملة السابقة لعملية اغتيال الرئيس الرمز القائد ياسر عرفات "أبو عمار" رحمه الله، فخليل كان راصدًا ومستطلعًا دقيقًا للواقع، وكان ذا شأن كبير عند الشهيد أبو عمار باعتباره نموذجًا للمناضل المثقف الإعلامي الوطني المعني بكرامة الإنسان وحقوقه وأمنه وسلامته التي حاولت مراكز قوى صنعتها قوى خارجية أولها منظومة الاحتلال على تقزيمها وكأنها مجرد سلعة رخيصة الثمن لا تكلف أثرًا من قيمة مجموعة صور ورقية ملصقة على جدران.. وللعزاء يكتبون عليها "الشهيد البطل".

قضية اغتيال خليل الزبن جريمة تجاوزت حدود إزهاق روح إنسان مميز بعمله وموقعه ومهمته وفوق كل هذا بمواقفه من أصحاب مراكز النفوذ الذين لا يرون الثورة إلا فرصة لتجميع الثروة حتى لو كان ثمنها الشرف الوطني.

منذ اغتياله في الثالث من آذار من عام 2004 ما زالت الأسئلة تتقافز في أذهاننا حول قيمة الإنسان، وحياته، ومستقبله، ومقتله أو موته وكأن ردود أفعالنا مجرد انفعال مؤقت حركته فينا "دراما سينمائية" أو رواية "حكواتي" تتطاير صورها ومعانيها مع دخان "نرجيلة".. أسئلة يحتاج المواطن إلى إجابة عليها من جهات الاختصاص فروح خليل الزبن (أبو فادي) الذي ترأس مجلة النشرة النصف شهرية في الوطن المتخصصة بحقوق الإنسان، وكان مستشارًا للرئيس أبو عمار ومديرًا عامًا لشؤون المنظمات الأهلية.

ما زالت روحه تحوم حولنا تراقبنا، تثقل ذاكرتنا بصور عطائه، وتستطلع فيما إذا نسينا أو أغفلنا المناضل الإنسان المعني بحقوق الإنسان في وطن أردنا أن يكون نموذجًا، لكن المجرمين الذين قتلوا خليل أرادوه مرتعًا لجماعات مشتقة من نموذج المافيا.

اغتال "المجرمون" السلطة الرابعة بذات الرصاصة التي أطلقوها على رأس خليل بعد اطمئنانهم إلى غفلة السلطات الثلاث فضربوا عصب الاتصال والحس والاستشعار والمعرفة فكانت الصحافة ورجالها وكان خليل في مركز الهدف.

اغتالوا خليل الزبن وأخفوا جريمتهم وتولت خفافيش متخفية غير مرئية مهمة لعق آثار دمائه؟!..

والسؤال الآن: ماذا فعلنا لنصرة أنفسنا؟! هل ما زلنا نبحث عن القاتل؟ أم أن القتل بات عندنا حدثًا عاديًا؟ نخشى أن منظومة الاحتلال قد جردتنا وأصبحنا كأطباق النحاس لا تسمع أصواتنا إلا عندما يعبث بنا؟!

يجب أن تعيد لنا روح خليل الزبن "وعينا" وإدراكنا لذاتنا وقيمتنا الإنسانية التي غيبناها بأيدينا وبمشيئتنا بالنزاعات والصراعات، بالاختلافات، بالتباينات الفردية وتضخم الذات التي كرهها خليل حتى بات تواضعه مثالاً.

قتل المحتلون الإسرائيليون عشرات الصحفيين الفلسطينيين والعرب والأجانب وأصابوا برصاص عنصريتهم فرسان الحق، ونعرف أن هذه المنظومة، هي العدو الأول للصحافة.. لكن من حقنا معرفة من قتل خليلنا أبو فادي، الصحفي الإنسان؟

فالقتل لدى أدوات منظومة الاحتلال والاستيطان والجرائم ضد الإنسانية منهج، لكننا لن نقبل أن نكون الضحية الصامتة، كما لم ولن نقبل إغلاق ملف اغتيال خليل، معرفتنا لقاتل خليل وإعلانه على الملأ سيفتح بصرنا وبصيرتنا نحو منفذ عملية اغتيال القائد الرمز ياسر عرفات.

المصدر: الحياة الجديدة