نشر الدكتور محمود عباس رئيس دولة فلسطين وقائد حركة التحرر الوطني الحالي، كتابًا بعنوان: (الوجه الآخر: العلاقات السرية بين النازية والصهيونية) باللغة العربية.
الكتاب نشر في العام 1984، بعد تقديم نصه للجامعة الروسية لصداقة الشعوب في العام 1982 لنيل درجة الدكتوراة، اثبت بخلاصته أن اليهود في المانيا وأوروبا الذين قتلهم النازيون كانوا ضحايا مؤامرة (صهيونية– نازية) مستدلاً باتفاقية الترحيل (Haavara) التي تعني بالعبرية (عبارا)، وفي العربية العبور، حيث اتفق الرايخ الثالث (النازيون)- حزب هتلر– في العام 1933 مع الوكالة اليهودية لتسهيل هجرة اليهود من ألمانيا إلى فلسطين، التي كانت تحت الانتداب البريطاني. وأكد المبالغة في أحداث المحرقة النازية "الهولوكوست"، كما كشف كيفية اختلاق المنظمة الصهيونية أسطورة مقتل ستة ملايين يهودي، ووصفها بـ"الكذبة الكبيرة".
 نص اتفاق (العبارا) النازي- الصهيوني على أنه يمكن لأي الماني يهودي يهاجر الى فلسطين الحصول على أمواله المنقولة وغير المنقولة، وفعلاً فقد وصل في الفترة بين عامي 1933 و1939، 60 ألف الماني يهودي أنشأوا مشاريع كثيرة منها على سبيل المثال منتجع نهاريا، وبقي هذا المكتب في برلين حتى العام 1945.
كان النازيون يحققون مصلحتهم بالتخلص من اليهود، والاستفادة منهم في تعزيز مصالحهم في مركز الوطن العربي فلسطين، كما قال سيادة الرئيس أبو مازن في ندوته التاريخية في مقر الرئاسة الخميس الماضي.
 قبل الاسترسال نحو المفاصل التاريخية، وجب تركيز الضوء على ما قاله الرئيس في موضوع المسألة أو (المشكلة اليهودية) وسببها أن (يهود مملكة الخزر) لم يندمجوا في المجتمعات الأوروبية، حيث أشار إلى مقولات مفكرين يهود اصحاب نظريات على رأسهم كارل ماركس، حيث اجمعوا على أن المشكلة اليهودية لا تكمن في دين اليهود أو (ساميتهم) من عدمها وإنما في وظيفتهم الاجتماعية والمالية السلبية التي أدت إلى مواقف متطرفة تجاههم.
سيادة الرئيس أبو مازن قال بكل ثقة مسنودة بمراجع ووثائق تاريخية، واقرارات من العرب اليهود انفسهم، إنهم عاشوا بأمان وسلام مجتمعي، حتى أن حادثة اختفاء طفل مسيحي في دمشق، عام 1840 واتهام اليهود بخطفه واستقطار دمه لعمل فطيرة عيد الفصح، وبعد حالة غضب نتج عنها اعتداءات محدودة، تمت تبرئتهم منها بعد تحقيق اجرته السلطات العثمانية حينها، بسبب أن الدم محرم عند اليهود. 
وصل العرب اليهود إلى مراكز سياسية واقتصادية واجتماعية متقدمة في مجتمعاتهم العربية من المسلمين والمسيحيين على حد سواء، لكن (الوكالة اليهودية) الذراع العملي للمنظمة الصهيونية اختلقت منذ العام 1920 المشاكل والصراعات معهم، توجت بأعمال عنف ضد العرب اليهود لاجبارهم على الهجرة من بلادهم الأصلية الى فلسطين بعد صدور وعد بلفور في الثاني من نوفمبر من العام 1917.
ورغم ذلك بقي العرب اليهود متمسكين بجذورهم التاريخية في أوطانهم فرفض العراقيون اليهود الهجرة من بلدهم فقد كانوا في رغد عيش لا يحلم به احد، ورفض اليمنيون اليهود رغم أوضاعهم الاقتصادية الصعبة، وتطابقت مواقف المغاربة اليهود مع أشقائهم في رفض فكرة هجرة مواطنهم بأي اتجاه كان.. لكن المنظمة الصهيونية لم تعبأ لهذا الرفض فعملت على استهدافهم– حتى لو كان الثمن سقوط ضحايا منهم– فهذا هو الثمن لتحقيق هدف تهجير اليهود من البلاد العربية الى فلسطين، فسلطت عليهم حملات عدائية مصطنعة ومنظمة بالتنسيق مع شخصيات في سدة الحكم والسلطات الأمنية في بلدان عربية، ومن أهم ما فعلته الوكالة اليهودية اتفاقها مع رئيس وزراء عراقي على ترهيب المواطنين اليهود، فكانت النتيجة هجرة 250 ألف من العراق، وصلت نسبة قليلة منهم الى فلسطين عبر عملية سميت (علي بابا)، فحرم العراق من شريحة اجتماعية كانت ركنًا مهما في بنيته الأساسية، ونقل يمنيون يهود من اليمن على متن طائرات أميركية بعملية (بساط الريح)، أما في المغرب، فالمغاربة اليهود مدينون للملك محمد الخامس بحفاظه عليهم في بلدهم، عندما رفض التضييق عليهم أو اعتقالهم أو تهجيرهم.
ما زال أمامنا حلقات من سلسلة حقائق الخرافة الصهيونية، ووقائع المؤامرة التاريخية على الشعب الفلسطيني، ودوائر ضوء نسقطها على المتآمرين الفرنجة منهم أو الناطقين بالضاد، سنتابعها معكم من وحي ندوة سيادة الرئيس أبو مازن التاريخية في مقر الرئاسة يوم الخميس الماضي الثالث عشر من هذا الشهر ديسمبر 2021.

 

المصدر: الحياة الجديدة