زهران معالي
لم يتجاوز اللقاء الذي جمع الشهيد طارق صنوبر بطفله الرضيع، عمر، سوى بضع ساعات، قبل أن يخطفه رصاص الموت بلا عودة، خلال مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي شهدها مدخل بلدة يتما جنوب نابلس، يوم الجمعة الماضية.
صنوبر (26 عاما)، الذي جمع أيقونات النضال الفلسطيني، أسيرا فجريحا فشهيدا، ارتقى أمس بعد يومين من الترقب الصعب لعائلته وأهالي بلدته التي هبت لمستشفى رفيديا؛ للتبرع بالدم، بعد أن خضع لثلاث عمليات جراحية.
رحل صنوبر، تاركا خلفه رضيعا لم يحفظ ملامح والده بعد، وزوجة مكلومة فرقت رصاصة دمدم متفجر شملها برفيق عمرها، بعد زواج لم يمض عليه عام ونصف العام.
أحمد صنوبر، خال الشهيد طارق تحدث ، بأن أبو عمر أنهى الثانوية العامة والتحق بالعمل بورش الدهان في الأراضي المحتلة عام 1948 والضفة الغربية، وأفرج عنه قبل عامين من سجون الاحتلال بعد أن أمضى أربع سنوات في المعتقل.
وقبل عيد الفطر الذي صادف الخميس الماضي بيوم واحد، رُزق الشهيد طارق بمولوده الأول، والذي أسماه تيمنا بوالده عمر، احتضن ولده مسافة الطريق الواصل بين مدينة نابلس وبلده يتما، عائدا لأمه ليفرحها بحفيدها، لكنه لم يكن يعلم أن هذا الحُضن سيكون الأول والأخير لفلذة كبده، وفق ما يؤكد صنوبر.
ويروي صنوبر ، أن "طارق عاد بطفله وزوجته من بلدة يتما بعد أن فرّح أمه بحفيدها إلى مدينة نابلس، حيث يسكن انسباؤه وأبقاهما هناك ليعتنوا بهما، ومنذ ذلك اليوم لم يشاهدهما".
وردا على اعتداءات قوات الاحتلال المستمرة على المسجد الأقصى المبارك وحي الشيخ جراح، وإقامة المستوطنين بؤرة استيطانية على جبل صبيح الواقع على أراضي "بيتا، ويتما، وقبلان"، انتفض أهالي البلدات يوم الجمعة الماضية، ودارت مواجهات عنيفة أصيب طارق خلالها برصاصة مطاطية بالقدم.
ويشير صنوبر، إلى أنه ما إن عاد طارق لمنزله بعد الإصابة الأولى حتى تجددت المواجهات على مدخل البلدة الغربي، فهب طارق مع الشبان لمواجهة قوات الاحتلال الإسرائيلي ورصاصه.
"رن هاتفي وإذا بطارق: خالي أصبت برصاصة مطاطية برأسي مرة أخرى، هيني جاي عليك عالدار"، هذا نص المكالمة الأخيرة التي دارت بين صنوبر وابن اخته طارق.
ويضيف أن طارق لم يحضر لمنزله، لكنه تلقى مكالمة من أحد المتواجدين بالمواجهات تفيد بإصابة طارق بالرصاص في بطنه، وأن وضعه خطير.
ويروي أن المواجهات كانت على أشدها بين الجيش والشبان على مدخل البلدة، وأن قوات خاصة إسرائيلية من "وحدة اليسام" حضرت للمواجهات، واتخذ أحد جنودها وضعية القنص وأطلق رصاصة من نوع دمدم متفجر استقرت في بطن طارق.
على إثر الإصابة، نقل طارق بمركبة إسعاف إلا أن الجيش المتمركز على حاجز زعترة الاحتلالي منعها من المرور، فاضطرت لسلوك طرق بديلة حتى وصلت مستشفى رفيديا الحكومي في نابلس، حيث أجريت عمليتان جراحيتان له، واستأصل الأطباء خلالهما كليته وجزءا من الطحال كما حدث تهتك بالرئتين، وفق خال الشهيد.
ويضيف أنه أجريت يوم السبت عملية ثالثة لطارق لإيقاف النزيف بالرئتين، إلا أنه أعلن عن استشهاده بعد خروجه من العملية بلحظات.
وللشهيد طارق سبع اشقاء، بينهم 6 شقيقات، ويعيش في أسرة متواضعة ومتزوج يسكن في منزل عائلته مع أمه التي تعاني من أمراض مزمنة السكري والكلى والتي أصيبت بها إثر اعتقاله الوحشي، ووالده الذي يعاني من أمراض قلبية، وشقيقه محمد وزوجته، وفق ما يؤكد خاله.
قبل إعلان استشهاد طارق، امتلأت صفحة زوجته رند النعنيش التي ارتبطت به في الأول من فبراير/ شباط 2020 بالدعاء الى الله بأن يرد زوجها لها ولطفلها سالما، لكن إرادة الله كانت باختياره شهيدا، فنعته بكلمات "استشهد حبيبي، الحمد لله على كل حال".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها