أول مرة أجرينا فيها الانتخابات، ونحن واقعون تحت الاحتلال كانت في عام 1976، وهي انتخابات بلدية جرت في معظم عواصم المحافظات في الضفة الغربية، في الخليل وبيت لحم ورام الله وطولكرم ونابلس والخليل، ونتذكر جميعا أبناء شعبنا، حتى الذين كانوا وقتها صغارًا ثم أصبحوا كبارًا في ظل الانتفاضة، وهم في غالبيتهم يشاركون في قيادة الشعب الفلسطيني، وكانت التجربة آنذاك، لصالح الهيئة الوطنية الفلسطينية وانكشافًا فاضحًا للاحتلال الإسرائيلي، وافتضاحًا كاملًا للأكذوبة الصهيونية الأولى التي انبثقت منها إسرائيل، بأن هؤلاء الإسرائيليين كانوا هنا ذات يوم، وأنهم عائدون إلى أرضهم بوعد من الله إلى أرض الميعاد، وقد امتلأت المكتبات العالمية بكتب التاريخ التي تقول إن هؤلاء الصهانية الّذين أنتجهم أول مرة المؤتمر الصهيوني الأول الذي عقده ثيودور هرتزل في مدينة بال بسويسرا عام 1897، فهؤلاء الصهانية لا توجد لديهم ولو بنسبة واحد في المليون بصمة وراثية ببني إسرائيل، خزريون، كذبوا الكذبة، وجعلوها مقدسة، ونسبوا كل أفكارها إلى الله، والله بريء منهم إلى يوم الدين، وأن المجتمع الدولي في ظل عهد الاستعمار القديم (أوروبا وأميركا)، التقطوا هذه الأكذوبة إلى حد الاعتناق، وأعطوها دعمًا خارقًا، ودافعوا عنها إلى حد المستحيل، وزرعوها في المنطقة بأقصى درجات القوة لأسباب كثيرة أهمها أنهم لم يريدوا أن يأتي اليهود الخزر اليهم وأسباب أخرى .

لكن الانتخابات لازمة لنا، وضرورية لنا، لتأكيد أهليتنا لنيل حقوقنا التي نطالب بها، ولحث المجتمع الدولي على أن يكون عادلًا حين يطلب منه ذلك.

دونالد ترامب الذي هو الآن في حالة سقوط مدوٍّ،  قرر أن ينتمي إلى الأكذوبة بكل كيانه وبكل اندفاعه الأهوج، حتى أنه بعد قرابة مئة عام على وعد بلفور الكاذب أصدر هو ما يعرف بوعد ترامب أو صفقة القرن ، بل أنه عين سفيرًا لأميركا في إسرائيل من تفاخر بأنه مستوطن وهو ديفيد فريدمان ولكن الانتخابات التي أصدر الرئيس مراسيمها، ونستعد لها أعظم استعداد، لأنها تؤكد أهليتنا مع أن تجاربنا مع الاحتلال على صعيد الانتخابات سيئة جدًا، ففي عام 1976، حين أجريناها أول مرة، حدثت مجازر شاذة، وآلام لا توصف، قطع سيقان، وقتل متعمد، وملاحقة ونفي الفائزين، فكيف ستكون هذه المرة.

لكن مجرد نجاحنا في إجراء الانتخابات بهويتنا الفلسطينية سيكون أمرًا مهمًا جدًا، وذات يوم قال لنا رئيسنا الأول أبو عمار: لم أدعُكم إلى نزهة، بل دعوتكم لتحقيق المستحيل، ولا بد مما ليس منه بد، فهذا هو طريق النضال.