تقرير: بسام أبو الرب
منتصف كانون الثاني/ يناير الجاري، أصدر رئيس دولة فلسطين محمود عباس، مرسوما رئاسيا حدد بموجبه مواعيد إجراء الانتخابات العامة على ثلاث مراحل، تشريعية، ورئاسية، ومجلس وطني.
المرسوم الرئاسي حمل ترويسة وشعار (دولة فلسطين)، هو ما يشير إلى دلالات واعتبارات كثيرة، في إطار تعزيز وتجسيد مفهوم الدولة على الأرض، خاصة عقب الاعتراف الدولي بفلسطين نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2012، لتصبح دولة غير عضو (مراقب) في الأمم المتحدة، بعد تصويت 138 دولة على رفع التمثيل الفلسطيني مقابل 9 دول عارضته، وامتناع 41 دولة عن التصويت.
مع بداية العام 2013 باشرت المؤسسات الووزارات الحكومية بتغيير صفتها الدبلوماسية من "السلطة الفلسطينية" إلى "دولة فلسطين"، فمنذ ابرام اتفاق أوسلو عام 1993 كانت السلطة الوطنية الفلسطينية تستخدم على وثائقها الرسمية شعار "السلطة الوطنية الفلسطينية"، إلا أن الأمر تغير عقب الاعتراف بالدولة الفلسطينية عضوا مراقبا في الأمم المتحدة.
استاذ القانون الدولي في جامعة بيرزيت ياسر العموري، قال: إن استخدام شعار ومسمى "دولة فلسطين"، في الأوراق الرسمية بدل "السلطة الوطنية"، له دلالات على الصعيد الوطني.
وأضاف: من الناحية السياسة استخدام رموز الدولة ومسمى الدولة يعزز من حق الشعب الفلسطيني بممارسة جزء من تقرير المصير، الذي يعتبر أوسع من مجرد اعلان الدولة، أو حتى قيامها على حدود الرابع من حزيران، وبالتالي هناك حقوق أخرى تتضامن فيما بينها لتمثل مفهوم حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير.
وبيّن أن دلالات استخدام الترويسة ومسمى دولة فلسطين مهمة أيضا من أجل تكريس الواقع السياسي؛ بأن للفلسطيني حقا في اجراء انتخابات على الصعيد الداخلي (التشريعية والرئاسية) يشارك فيها جزء من الشعب، وحقا بإجراء انتخابات أوسع من ذلك لتشمل الكل الفلسطيني (تشريعية، ورئاسة، ومجلس وطني)، وهذا يصب في مساعدة الشعب الفلسطيني في تحقيق المراد مما جاء في قرارات الشرعية الدولية، وعلى رأسها الامم المتحدة، والتي تؤكد حق الشعب في تقرير المصير.
وشدد على أن استخدام هذا المسمى لا يغير المركز القانوني لدولة فلسطين سواء في الأمم المتحدة او قواعد واعراف القانون الدولي بشكل عام، بأن أراضيها محتلة من قبل اسرائيل، وهو ما يعطل الركن الأساسي لوجود الدولة "السيادة".
عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل ابو يوسف، قال: للمراسيم التي تحمل اسم "دولة فلسطين" مدلولات كثيرة، تؤكد أن ما ورد في الاتفاقيات الموقعة مع اسرائيل جاءت بشكل مرحلي ولفترة مؤقتة، ويتعين أن يكون بعدها ما له علاقة بتجسيد الدولة الفلسطينية وحقوق شعبنا والقضايا المؤجلة، خاصة اننا امام اعتراف دولي بدولة فلسطين في الأمم المتحدة، ورئيس منتخب لدولة فلسطين من قبل المجلس المركزي، ويتعامل العالم معنا على هذا الأساس.
وأضاف: "منذ البداية نحاول العمل على كيفية بسط سيادة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 بما فيها القدس المحتلة، رغم الموقف الأميركي الذي كان يحاول اجهاض ذلك".
وتابع: "بموجب الاتفاق المرحلي، كان يجب أن ينتهي عام 1999 بإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967، الا ان حكم الامر الواقع ومماطلة الاحتلال وتمسكه بما يتلاءم مع مصالحه حال دون ذلك".
وشدد على ضرورة التمسك بإعلان الدولة وعدم الرجوع الى السلطة الوطنية الفلسطينية بعد صدور المراسيم الرئاسية بتغيير أوراق رسيمة للسلطة الوطنية الى دولة فلسطين، بعد انتخاب الرئيس محمود عباس رئيسا لدولة فلسطين، باعتبار أن السلطة الوطنية جاءت بشكل مؤقت لحين اقامة الدولة.
وأضاف: "ان قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقرارات مجلس الأمن أكدت حقوق الشعب الفلسطيني، التي كان آخرها القرار 2334، في شهر كانون الأول/ ديسمبر عام 2016، الذي يؤكد عدم شرعية إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 بما فيها القدس الشرقية، ويعد إنشاء المستوطنات انتهاكا صارخا بموجب القانون الدولي وعقبة كبرى أمام تحقيق حل الدولتين وإحلال السلام العادل، وهو ما يؤكد أن لا دولة فلسطينية بدون القدس باعتبارها العاصمة الأبدية".
وشدد أبو يوسف على أهمية عقد وانجاح الانتخابات وازالة العقبات أمامها، كونها مصلحة كبرى في تجسيد الدولة، وتعزيز الديمقراطية الفلسطينية، ومدخلا رئيسيا وأساسيا لإنهاء الانقسام، الذي يخدم الاحتلال.
وأكد أن اجراء الانتخابات يصب في بوتقة التأكيد على الديمقراطية الفلسطينية، وفي سياق العمل السياسي الفلسطيني، وإعادة الاعتبار للعمل الديمقراطي للمؤسسات الفلسطينية.
وبموجب المرسوم الرئاسي تجري الانتخابات التشريعية بتاريخ 22/5/2021، والرئاسية بتاريخ 31/7/2021، على أن تعتبر نتائج انتخابات المجلس التشريعي المرحلة الأولى في تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني، ويتم استكمالها حيثما أمكن في 31/8/2021، وفق النظام الأساس لمنظمة التحرير الفلسطينية والتفاهمات الوطنية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها