إعلان الاستقلال الذي صدر عن المجلس الوطني الفلسطيني في دورته التي عقدت في الجزائر، هذا الإعلان الذي نحتفل به فلسطينيًا بالذكرى الثانية والثلاثين لصدوره، هو إعلان مهم للغاية، وتاريخي، ويعكس فلسفة الثوابت وفلسفة الصبر التي اعتمدتها الثورة الفلسطينية المعاصرة منذ انطلاقتها على يد حركة فتح في الأول من كانون الثاني/يناير عام 1965م.
هذه الفلسفة الفلسطينية، قائمة على الواقع العالمي الذي يحيط بثورتنا الفلسطينية عبر العالم، ومحاولة زرع الهدف الفلسطيني كواحد من المفردات الأكثر أهمية، وأكثر ضرورة، ومن ثم إحاطة حفظ العنوان الفلسطيني بأكبر قدر من الجهد النضالي العميق على كل المستويات، بحيث يصبح عنوانًا مهمًا جدًا من عناوين النضال العالمي معترفًا به في المجال الدولي، خاصة من فوق منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، ومعترفًا بشرعيته في الصراع اليومي حول فلسطين الذي يدور في العالم.
كان العنوان الأول، هو منظمة التحرير الفلسطينية، ممثلاً شرعيًا وحيدًا للشعب الفلسطيني فيما تبقى من أرض الوطن وفي مواقع التشرد في المنطقة العربية وفي العالم، ولم يكن زرع هذا العنوان بسيطًا كما يزعم أولئك محدودو الرؤية الذين ما زالوا يشترطون على المنظمة ما لا تحتمل، وما زالوا يملكون ترف الثرثرة المجانية حول المنظمة وصلاحياتها وحقوقها مع أنهم يعلمون تمام العلم أنه حين قامت المنظمة في عام 1964، كان من العسير أن يجد لها مكانًا حتى في أرض فلسطين التي كانت لا تزال موجودة في ذلك الوقت، في الضفة الغربية التي لم تكن قد احتلت بعد في القفزة الصهيونية الثانية عام 1967.
فتح صانعة العنوان أعطت المنظمة حين قامت كل ما يدعم العنوان، تحولت قواتها إلى اسم جيش التحرير الوطني الفلسطيني، وحولت مكاتبها إلى سفارات لفلسطين، وحولت كل إنجاز إلى اسمه الفلسطيني، وابتعدت عن الصراعات الصغيرة والفخر الذاتي الصغير، لأن فتح عرفت أن الخطر سوف يزداد ومنذ أن فشلت مقولة دايان التي قال فيها إن فتح كالبيضة في يدي استطيع أن اكسرها متى أشاء، وجاءت معركة الكرامة بعد تسعة شهور من حرب عام 1967، وأثبتت أن موشيه دايان كان محشوا بالأوهام والأكاذيب.
إعلان الاستقلال في مثل هذا اليوم عام 1988، تحول إلى تعامل عربي وإسلامي ودولي إلى التعامل مع عنوان الدولة الفلسطينية، التي أصبح سفراؤها في العالم يعاملون سفراء وليس كمدراء مكاتب للمنظمة فقط خارج إطار القوانين الدبلوماسية.
الاحتلال الإسرائيلي والقوى الدولية التي تنحاز إلى صفه وأولها الولايات المتحدة الأميركية برئاسة دونالد ترامب الذي تطاول كثيرًا على حقوقنا وثوابتنا وعناويننا المقدسة أعطى دون وجه حق لمن لا يستحق وهي إسرائيل كل شيء وقاتلنا في كل شيء.
التحية لإعلان الاستقلال في الذكرى الثانية والثلاثين لصدوره، الوضع صعب ومعقد، لكننا أقرب إلى الهدف فعدونا بنيامين نتنياهو للأسبوع الحادي والعشرين تطارده المظاهرات بعشرات الآلاف للذهاب إلى المحكمة، ويا ويله كم سيجد من تهم تلاحقه حين تفتح المحاكم أبوابها لجعله يدفع الثمن وعنوان كل ما سيدفع هو فلسطيني وعدم قدرته على إلغاء فلسطين كما يصور له وهمه الكبير، ثم إن إعلان الاستقلال له مفهوم واحد لدى الفلسطيني وهو انتهاء الاحتلال وحق العودة وحق الاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية، ودون ذلك ليس سوى ضياع للوقت وانفتاح أكبر لينابيع الصراع.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها