"إن طريق الخلاص الوحيد في العالم هو اتباع المسيح". هكذا أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك الذي يعتزم احتفالًا في مستعمرة بساغوت خلال الأيام القادمة.
نعرف أي مسيح يقصد بومبيو، لكننا نعلم أنه يقصد أي مسيح إلا معجزة الله المسيح ابن مريم، المولود في بيت لحم الفلسطينية، الذي قام إلى الخلود في القدس مدينة الله بعدما صلبه الظالمون، نظنه يتحدث عن (مسيح دجال مغرم بالظلم والحرب والخداع والكذب) وليس المسيح رسول المحبة والعدل والسلام للإنسانية.
يؤشر لنا إشغال مايك بومبيو منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الذي استلمه في الرابع والعشرين من شهر كانون الثاني/ يناير من العام 2017، بعد ترشيح ترامب له وموافقة مجلس الشيوخ، بعد عضويته في لجنة الاستخبارات، واللجنة الفرعية المعنية بوكالة المخابرات المركزية في مجلس النواب، على مدى انعكاس العقيدة الذاتية لشخصية مسؤولة عن مهمة ومركز حساس في (دولة عظمى) على قرارات رئيسها والتأثير على توجهاته، عبر التحكم بنوعية المعلومات ودرجة ملامستها للوقائع والحقائق، فبومبيو الحاصل على الدكتوراة في القانون من جامعة هارفارد والمحامي في أشهر شركات المحاماة في واشنطن (وليامز كونولي القانونية) سيصل خلال الأيام المقبلة إلى شرق رام الله، وهي أرض فلسطينية تحتلها القوات الإسرائيلية منذ حرب حزيران من العام 1967، ليفتتح مصنع نبيذ يحمل اسمه في مستوطنة محسوبة وفق القانون الدولي، ليس بناء باطلا لا شرعية له إطلاقًا وحسب، بل حلقة من سلسلة جرائم منظومة الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني وأرضه وممتلكاته، فيضرب بومبيو المحامي بالقانون الدولي ومبادئ وقيم المجتمع الدولي عرض الحائط، ليبدو كمن يشرب نخب فوز نظامه ترامب الاستعماري الجديد على الشرعية الدولية بالضربة القاضية، وإدخالها العناية المركزية.
يعلم المتنورون في العالم المحبون للسلام إلى أي مدى تم استخدام الدين لتبرير الحملات الاستعمارية الدموية الفائضة بالعنصرية، ويعلم كل متابع حثيث ودقيق لسياسة دونالد ترامب فظاعته وفظاظته في استغلاله لتناقضات وصراعات الجماعات المستخدمة للدين في العالم، لذا لم يكن تعيينه لبومبيو وزيرا للخارجية إلا لأنه وجد فيه الشخص المناسب لتمرير خطته المسماة (صفقة القرن) فبومبيو أصولي متطرف صهيوني، مستخدم للدين كأي متطرف أصولي في العالم لا تربطه بالمسيحي المؤمن أي صلة، لذا ليس مستغربًا قوله: "إن الغرب المسيحي في حالة حرب مع الشرق الاسلامي"، وهذا تحديدا ما يريد سماعه دائمًا القائمون على عمل وخطط المنظمة الصهيونية الاستعمارية الاستيطانية، فهم معنيون بتأجيج هكذا صراع للمضي -وراء ستار دخانه ولهيبه ومآسيه- في الاحتلال وتوسيع نطاق الحملة الاستعمارية الاستيطانية.
لا غرابة إذا علمنا أن عضو ما يسمى (حركة الشاي) في الحزب الجمهوري الأميركي سيفتتح مصنع نبيذ في مستعمرة بساغوت المنشأة على أرض محتلة شرق محافظة رام الله الفلسطينية، مع أن الشاي والنبيذ براء من الفعل المقصود والفاعل في كلا الحالتين، لكن إذا علمنا معنى حركة الشاي ومنطلقاتها وأهدافها وجهودها في إفشال محاولات تحقيق ولو بعض العدالة في بعض القضايا والحقوق الاجتماعية والصحية والمدنية للمجتمع الأميركي سندرك أي علاقة وأي اندماج وانسجام سيحصل بين (شاي بومبيو ونبيذه في بساغوت) فحركة الشاي هي حركة أميركية سياسيّة ضمن إطار الحزب الجمهوري لكن أعضاءها محافظون يعارضون التأمين الصحي الشامل المموَّل من الحكومة. وصفت كخليط من الليبراليّين والشعبويّين اليمينيّين أسسها رجل الأعمال والسياسيّ دافيد هـ. كوك، وانطلقت الفكرة خلال حفل شاي في بورصة شيكاغو اجتمع خلاله أكثر من خمسين شخصية من هؤلاء وبدأوا باطلاق فعاليات ضد قرارات الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما بمنح معونات مادية لأصحاب المنازل الفقراء، منها مسيرة دافعي الضرائب في واشنطن في 2009، وحججهم بذلك أنه لا يجوز منح الفاشلين أيّة مساعدة!!.. كما عارضوا قانون إصلاح التأمين الصحيّ الأميركيّ المعروف باسم "أوباما كير".. وكذلك قوانين التحكُّم بالسلاح وزيادات الإنفاق الفيدراليّ..لكنهم يؤيدون "الحرب الشاملة" ويؤيدون الاستجابة العسكريّة العنيفة للحفاظ على التفوق الأميركيّ في العلاقات الدوليّة.
تمارس حركة الشاي الدعاية الشعبية الزائفة (أي أنها تتبنى خطابًا شعبويًا وتتبنى أهداف المؤسسات الممولة وغالبًا ما تكون من النخبة، وتستخدم وسائل إعلام ذات توجهات يمينيّة... وكتبت عن الحركة نيويورك تايمز: "إن حركة الشاي التي كانت هامشيّة يومًا ما، أًضحت اليوم في قلب التحالف المحافظ والحزب الجمهوري".
نحن على يقين بأن أي مسؤول أميركي يقف في الجبهة المعادية لمصالح الغالبية العظمى من الشعب، ويعمل على إسقاط ومنع قوانين تهتم بصحة الفقراء ومحدودي الدخل من الجمهور، وتقفل السبل بوجه مساعدات تخصصها الدولة لهم، لن نراهم إلا في الجبهة المعادية للشعب الفلسطيني، في جبهة المحتلين والمستعمرين الارهابيين... فليشرب بومبيو ما يشاء من النبيذ، لكن عليه أن يعلم سلفا أن نخبه هذا الذي يحمل اسمه ومعصور في مستعمرة إرهابيين مخلوط بدماء أبناء آدم الفلسطينيين، مخلوط بدماء المسيح الحقيقي وليس المزيف الذي يدعو لاتباعه.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها