لا اعتقد ن للرئيس ترامب مثيلاً، فهو نسخة فريدة بسوئها، أنه شخص من خارج منظومة الإنسانية القيمية والأخلاقية. وبالنسبة لنا نحن الفلسطينيين، فإن ترامب تبنى المشروع الصهيوني بنسخته اليمينية المتطرفة. فهو بذلك ارتكب بحقنا جرائم سياسية وإنسانية لا يمكن غفرانها أو نسيانها. انطلاقًا من هذه القاعدة فإن أي رئيس قادم هو بالتأكيد أفضل من ترامب.
هذا التقديم جاء بعد ما نشر على لسان مرشح الحزب الديمقراطي جون بايدن بأنه سيبقي سفارة بلاده في القدس أن هو فاز في الانتخابات. نحن نرفض جملة وتفصيلاً هذا الموقف، ولكن علينا أن نلاحظ الفارق عبر قراءة التصريح كاملا. بايدن بالرغم أنه سيبقي السفارة الاميركية في القدس إلا أنه قال إن نقلها من تل أبيب إلى القدس قبل التوصل إلى اتفاق فلسطيني إسرائيلي كان خطأ، كما أنه أعلن التزامه بحل الدولتين وأعطى إشارة ضمنية أن مصير القدس الشرقية لم يحسم بعد عندما قال إنه سيعيد فتح قنصلية بلاده في القدس الشرقية لإعادة فتح الحوار مع الفلسطينيين وتشجيع الجانبين على التوصل لاتفاق.
عند تقييمنا لمواقف بايدن، يجب إلا يفوتنا أنه مرشح للرئاسة الأميركية. لذلك لا نبحث هنا عن مواقف انقلابية على السياسة الأميركية التقليدية المنحازة لإسرائيل. لأنه لو كان الامر كذلك، لكنا أمام دولة ليست الولايات المتحدة الاميركية. أن ما نبحث عليه في مواقف بايدن إلا يكون منحازًا بشكل أعمى لإسرائيل كما هو حال ترامب الان. مواقف بايدن بالرغم من انحيازها الواضح لإسرائيل إلا أنه أقل عدوانية تجاه الشعب الفلسطيني وحقوقه السياسية.
فالواضح أن بايدن يريد أن يعيد السياسة الأميركية إلى سابق عهدها، ليس تجاه القضية الفلسطينية بل تجاه العالم ككل، بمعنى أن تحترم هذه السياسة بحدود معقولة القانون الدولي وتقاليد وقيم السياسة الدولية وفي هذا اختلاف كبير عن ترامب الذي تعامل مع غالبية الدول بانها عدو بما في ذلك حلفاء أميركا التقليديون في الاتحاد الاوروبي وغيره من الدول.
صحيح أننا لا نتوقع الكثير من بايدن، فهو يمثل وسط الحزب الديمقراطي. ولكنه بالتأكيد نسخة أميركية أقل تطرفًا من ترامب ولا بتبني صفقة ترامب التي تهدف إلى تصفية الحقوق الوطنية الفلسطينية بالكامل، هو مؤيد لإسرائيل بِالتأكيد ولكن ليس بِالشكل المتطرف وليس بالمنطق الذي يريده نتنياهو وتكتل اليمين المتطرف الصهيوني.
بايدن عندما كان نائبًا للرئيس أوباما كان مناصرًا لإسرائيل ولكن بالمقابل كان مؤيدًا لحل الدولتين ويعتبر الاستيطان عقبة في وجه السلام. فهو في النهاية مرشح للرئاسة الأميركية لكنه في كل الأحوال نسخة أميركية مختلفة عن ترامب وعلى هذا الأساس يمكن أن نبني مواقفنا وسياستنا والدليل تخوف نتنياهو، الذي عبر عنه بِشكل واضح من فوز هذا الرجل.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها