ضربة قوية على عظم رقبة مشروع ترامب- نتنياهو الاستعماري ومن معهما حتى يكفوا عن الظن بقدرتهم على التملص من العدالة الدولية إلى ما لا نهاية، ضربة قوية لأقرانهم وتابعيهم الذين كانوا يوسوسون في آذان الجماهير الفلسطينية حول عدم جدوى النضال السياسي والدبلوماسي، هؤلاء الذين كانوا يستقوون في حججهم لتمريرها على البسطاء من عامة الجمهور  الفلسطيني بتصريحات وجرائم الاحتلال ذاتها حيث اتخذوها برهانًا على صدق ادعاءاتهم وللنيل من الرئيس وحكمته في منهج النضال الدبلوماسي والسياسي بالتوازي مع الشعبي المقاوم السلمي.

مجرمو الحرب في منظومة الاحتلال عسكريين كانوا أو سياسيين يتحملون وزر جرائم أو مستوطنين إرهابيين ارتكبوا جرائم يمكن للجنائية الدولية النظر فيها وتعقب المتهمين فيها لن يفلتوا من عقاب الشرعية الدولية بعد إصدار الدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة الجنائية قرارها للبدء بالتحقيق.

سيكون لِكل فلسطيني يقع ضمن ولاية دولة فلسطين المحتلة على حدود الرابع من حزيران الحق برفع دعوى قضائية للمحكمة الجنائية بالتنسيق مع وزارة الخارجية الفلسطينية والسلطات القضائية الفلسطينية المختصة، فالمحكمة تحاكم أشخاصًا ارتكبوا جرائم حرب بغض النظر عن موقعهم  أو وظيفتهم او مكانتهم في الدولة التي ينتمون لها ويحملون جنسيتها، سواء كانوا عسكريين أو مستوطنين مستعمرين، فسفك الدماء والتدمير والتهجير والإرهاب بقصد الاستيلاء على أرض مواطن يخضع لقانون دولة مستقلة أو تحت الاحتلال جريمة حرب يحق للجنائية النظر والحكم فيها وطلب المتهمين للخضوع لعدالتها.

إنجاز قانوني سياسي لصالح الشعب الفلسطيني سيمهد الطريق نحو كف يد منظومة الاحتلال  وكبح غريزة القتل العنصرية والتوسع تحت إرهاب قوة النيران وسلاح المؤسسة الحربية العسكرية الاسرائيلية التي باتت خطرًا ليس على الشعب الفلسطيني وحده وحسب بل على الاستقرار والسلام في العالم، ما يعني بالنسبة لنا ضبط وتنظيم ايقاع كفاحنا الشعبي السلمي، ومنع أي حالة انفلات قد تقلب الأمور رأسًا على عقب، فيصير المحتلون والغزاة المستعمرون هم الضحايا، وهنا وجبت اليقظة والحفاظ على أعلى درجة من الوعي الوطني لخصوصيات القضية، والتذكير دائما بقدرة منظومة الاحتلال والمشروع الصهيوني على قلب الحقائق نظرًا لامتلاكهم ادوات اعلامية ودعائية ونفوذ وسيطرة لا يستهان بها أبدًا.

حرص الرئيس محمود عباس في كلمته للشعب الفلسطيني لمناسبة شهر رمضان على لفت نظر الصامدين الصابرين أن القيادة ما زالت تناضل في المحافل الدولية، والمنظمات الأممية، ميدان الشرعية الدولية لمواجهة خطة ترامب نتنياهو الاستعمارية الجديدة (صفقة القرن) بنفس الكفاءة التي تستمر بها القيادة في مواجهة وباء فيروس كوفيد 19 المستجد (الكورونا)، ورغم انشغال العالم في مواجهة مصيرية مع هذه الجائحة، فقدرنا كما يبدو مواجهة ثلاثة أوبئة في آن واحد وكل واحد أخطر من الآخر، فنحن نواجه وباء الاحتلال والاستعمار الاستيطاني العنصري الإسرائيلي وجرائمه واستبداده، ووباء مرتهنين لأجندات خارجية يعملون على إضعاف جبهتنا الداخلية ووحدتنا الوطنية عبر مواقف حزبية فئوية ضاربة خارقة حارقة للمصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني، انتهازيون لا ولاء عندهم لفلسطين ولا انتماء، وإنما لجماعاتهم العاملة على بث الفرقة في زمن أحوج ما نكون فيه لرص صفوفنا وتعزيزها برؤية وطنية شاملة تترفع عن الاعتبارات الحزبية التي تفيض بالشخصانية المقيتة، ونواجه في معركة مصيرية أيضًا وباء الكورونا، هي معركة الانتصار فيها برهان على مدى وعي شعبنا لمفهوم الحياة والعلم والالتزام بالقانون والنظام، وتغليب المصلحة العامة على الفردية الذاتية وتجسيد معاني التكافل والتضامن الاجتماعي وهذه كلها علامات وسمات المجتمعات المتقدمة المدنية التي تستحق الوجود تحت الشمس.

ما كان للرئيس أبو مازن أن يلمح للشعب بأمور وقضايا العمل السياسي الخارجي إلا من باب الثقة بحتمية جني الثمار السياسية للنضال الدبلوماسي المنظم الممنهج، الذي اتخذه الرئيس سبيلًا من سبل الكفاح الفلسطيني للتحرر والاستقلال.. لتأتي بعد أيام ما زادت عن اسبوع اخبار في غاية الأهمية ستحدث تحولًا نوعيًا في صراعنا مع منظومة الاحتلال الاستعماري الاستيطاني العنصري (إسرائيل).

المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا تؤكد في تقرير من 60 صفحة صلاحية المحكمة على الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية وغزة، وحق فلسطين في التوجه اليها حيث جاء فيه: "بعد ان نظرت النيابة بعناية في ملاحظات المشاركين وما زالت ترى أن للمحكمة اختصاصاً على الأرض الفلسطينية المحتلة. فإنها تطلب باحترام من الدائرة التمهيدية الأولى التأكيد على أن الأراضي التي يجوز للمحكمة ممارسة اختصاصها فيها بموجب المادة 12 (2) (أ) تشمل الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وغزة كما أكدت وجود وجود أساس معقول لبدء التحقيق في الوضع بفلسطين ما يعني إمكانية إجراء تحقيقات في جرائم حرب وضد الانسانية ارتكبها محتلون مستعمرون اسرائيليون بِحق الشعب الفلسطيني".

الخبر الثاني كان الرسالة إلى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، وقع عليها 130 نائبًا بريطانيا ينتمون لأحزاب عدة مع وزراء سابقين عن حزب المحافظين ورئيس الحزب السابق  لورد باتين ووزيرة التطوير الدولي السابقة اندرو ميتشل بمبادرة من "مجلس تعزيز التفاهم العربي البريطاني"، حيث طالبوا بفرض عقوبات اقتصاديّة على (إسرائيل) حال اقرار ضمّ مناطق في الضفة الغربية. ووقّع على الرسالة وزراء سابقون عن حزب المحافظين، ورئيس حزب المحافظين السابق لورد باتين، ووزيرة التطوير الدولي السابقة أندرو ميتشل..

النواب والوزراء السابقون البريطانيون اعتبروا ضمّ أجزاء من الضفّة الغربيّة "مخالفا للقانون الدولي" و"ضربة قاتلة لفرص السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين استنادًا إلى حل الدولتين".

وكتبوا في الرسالة: "إن القانون الدولي ناصع الوضوح؛ السيطرة على أيّة أرض خلال حرب ممنوع". وطالبوا الحكومة البريطانية بموقف واضح علني تفهمه إسرائيل على أن أي ضم سيواجه بعواقب وخيمة، منها فرض عقوبات، وأنه لا بد من من منع نتنياهو من تطبيق خطته التي تعتبر سابقة خطيرة في العلاقات الدوليّة.