للثقافة العربية الأصيلة، ثقافة الإنسان في تطلعاته المشروعة والنبيلة، والمحمولة على قيم الحق والعدل والجمال، ثمة لغة لا تخطئ القضية الفلسطينية، بكونها قضية هذه القيم ورافعتها، ما يجعلها أيقونة الثقافة العربية، وشمسها التي لا تغيب في نصها الابداعي، وخطابها المعرفي، ولأن في طلعة الشمس على رأي شاعر العرب الأكبر أبو الطيب المتنبي "ما يغنيك عن زحل" فإننا لن نلتفت إلى أي زحل في هذا الإطار، خاصة هذا الزحل التطبيعي، والذي لا نتاج له غير هذا اللغو الذي يعيد على نحو كريه، فبركات الرواية الصهيونية، عن فلسطين والفلسطينيين، في سباق مذل للارتماء في أحضان دولة الاحتلال الإسرائيلية، وبالقطع فإن هذا اللغو، لغو التطبيع الزحلي، لا علاقة له البتة بالثقافة العربية الأصيلة، بدليل أعماله الدرامية التي هي اليوم، وبالمعايير الفنية، وبعد غياب النقد الموضوعي، والرقابة الأخلاقية من أردأ الأعمال الدرامية، وأكثرها انحطاطًا وركاكة، في النص والإخراج والتمثيل، ولعلنا هنا الآن، لزاماً علينًا أن نترحم على المبدع العربي المصري الكبير أسامة أنور عكاشة الذي أتحف شاشة التلفزيون العربي، بأعظم الاعمال الدرامية، من مسلسل "ارابيسك" إلى "ليالي الحلمية" وغيرهما، ولن ننسى وليد سيف، ووحيد حامد، أمد الله في عمريهما، وآخرين ممن أنتجوا ما أنتجوا من أعمال استندت ألى روح الثقافة العربية وقيمها وتطلعاتها، والتي لا يمكن للغو التطبيع أن ينال منها. مثلما لا يمكن أن ينال من انتماء شعبنا الفلسطيني لأمته وثقته بها وبأبنائها، من حملة الموقف القومي الراسخ، الذي ما زال يردد ويشدد على أن قضية فلسطين هي القضية المركزية للعرب والمسلمين ولكل الأحرار في العالم.

ولسنا نشك أبدًا، أن أصوات لغو التطبيع، لا تمثل شعوبها، ولا دولها طالما أنها لاتخطئ الموقف من القضية الفلسطينية في خطاباتها، وعلاقاتها الشقيقة مع فلسطين وشعبها، بل أن أصوات اللغو هذه لا تمثل حتى ذاتها، وهي الأجيرة على نحو رخيص، وبفتنة العبد الذي يرى في الخضوع المطلق للسيد امتيازا وبهجة...!! وأصحاب هذه الأصوات، ومرة أخرى على رأي المتنبي، هم الصغار الذين تعظم الصغائر في عيونهم، وهو ما يرونه في التطبيع الذي سيظل من صغائر اللحظة المريضة الراهنة، بل والزبد الذي سيذهب جُفاءً!!  

لا نخاف، ولن نخاف على أيقونة الثقافة العربية، وشمسها، من لغو التطبيع وثرثراته الدرامية، ولا نخاف ولن نخاف كذلك، من لغو المزايدات الايدلوجية، وحسابات المصالح الإقليمية، ولا من لغو أسافين الجماعة الاخونجية، فالحلال بَيّن، والحرام بَيّن، والشمس لا يغطيها غربال، ولا بأي حال من الأحوال، وفلسطين هي الشمس، والحلال، والأيقونة، والانتماء لقضيتها هو انتماء الإنسان لإنسانيته، والسير في دروبها، هو السير في دروب الحق والعدل والجمال.