أيها الساسة اللا محترمون من شهد منكم درس الرئيس "أبو مازن" في الكرامة والعزة والشجاعة وحرية القرار الوطني المستقل، ولم يتّعظ من حكمته ومواقفه وأحكامه في اجتماع مجلس الجامعة العربية، وظلّ مهرولاً كالذليل وراء (فتوة ترامب البلطجي) في منطقتنا العربية بنيامين نتنياهو ليحظى برضا سيده فلينتحر بصمت، أو فليصمت ما دام حيا.
أيها الساسة الناطقون بالضاد، من شهد منكم كيف ثأرت امرأة لكرامتها من مستكبر، ظالم، ممن تعتبرونه إمبراطور زمانكم، وتبغون رضاه ليؤمنكم ويحميكم، ولم يشعر بوخز الرجولة في دماغه، فليذهب إلى صحراء ليس فيها إلّا السراب ويبقى يبحث تحت كل حبة رمل من كثبانها عن كرامته الضائعة، ولا يرجع للناس في بلاده إلا معتليًا سنامها، أو فلينتحر هناك بصمت، أو فلينتظر مرور قافلة أبو لهب!! فيلتحق بركب الضالين.
قدّم رئيس الشعب الفلسطيني درسًا بليغًا، لو قرأه على صخر لخشع من حكمته، لأنه تكلم بلسان شعب مظلوم لكنه مؤمن، نيابة عن شعب يدرك المسئولية التاريخية الملقاة على عاتقه في حفظ كرامة الأمة العربية كلما خبا نجمها، ولأنه لا يرضى لشعوب الأمة العربية ما لا يرضاه للشعب الفلسطيني الذي منحه الثقة وأوكله سدة القرار. فالرئيس أبو مازن ما كان بصدد الدفاع عن حق الشعب الفلسطيني ومصالحه العليا وأهدافه وآماله وحسب، بل عن حقوق الشعوب العربية في الحرية واستقلالية القرار وحقها في رؤية مستقبلها وتوفير سبل حماية مكتسباتها وإنجازاتها.. وبذات الوقت طرح قائد حركة تحرر الشعب الفلسطيني الوطنية معادلة صحيحة وهي أنَّ إهانة الشعب الفلسطيني حامي المقدسات الإسلامية والمسيحية ومفتديها بدمائه، تعني إهانة الأمة العربية والمؤمنين في العالم، وهذا ما رفضه الرئيس أبو مازن عندما قال: "لن أقبل أن يسجّل علي في تاريخي أنني بعتُ القدس"، ثُمَّ قال: "المقدسات ليست لنا وحدنا".
ثُمَّ جاءت صور رئيسة مجلس نواب الشعب الأميركي نانسي بيلوسي التي وقفت بكبرياء وشموخ ومزّقت النص المكتوب لخطاب ترامب على الملأ بعد إهانته للشعب الأميركي، فرفض ترامب مصافحة رئيسة مجلس نواب الشعب الأميركي يعني إهانة مباشرة للشعب الأميركي، فكان ردها اقوى وأفصح على من رفض السلام عليها... والسؤال في هذه اللحظة: هل يأمل المسئول العربي السلام والأمان والحماية من المستكبر ترامب الذي يرفض السلام على النائب الأول للشعب الأميركي؟!
تتبدد صورة المسؤول الرسمي العربي الشجاع، الحر بسرعة جنونية، رغم إدراكنا لكل الظروف والعوامل القائمة في كل قطر عربي ولدى كل حكومة، فإنَّنا لم نجد سببًا منطقيًّا علميًّا لذلك، إلّا إذا أخذنا الأمر بمنظور خضوع وتذلل هذا المسؤول أو ذاك للمستكبر الاستعماري القوي عسكريًّا واقتصاديًّا، وإغفال مبدأ إرادة الشعوب واحتقار قدراتها في الحفاظ على كرامتها.
ما يحدث أمر خطير للغاية، لا نراه بمنظور وحدة القرار العربي الرسمي والشعبي تجاه القضية الفلسطينية ومركزيتها وحسب، بل في قدرة الاستعماري ترامب ومنظومة تل أبيب الاحتلالية الاستيطانية العنصرية، على تفكيك العروبة التي هي ثقافة، وتحويلها الى مجرد مصطلح سياسي يستخدم لتمرير اجتهادات سياسية تلبي حاجات شخصية أو فئوية أو حزبية أو حتى قطرية محدودة.
ما يحدث هو دفع الأوضاع في الدول العربية المستقلة منذ عقود إلى حافة الهاوية، ثُمَّ يؤتى بالمحتل الاستعماري الإسرائيلي العنصري كمنقذ، فتنقلب المفاهيم، فيصير الظالم المجرم نعم الوكيل والمستعان، ويترك الفلسطيني المظلوم ضحية للعدوان!!
ما يحدث أفظع من جريمة التطبيع، ذلك لأنَّ التطبيع لم ولن يحدث كما يأمل ويشتهي الخانعون، ما حدث ويحدث هو أنَّ بلفور الثاني دونالد ترامب وريث المستعمر القديم المتجدد يصنع نسخًا منه مطابقة للأصل في الغدر وخيانة الوعد والأمانة، وينصبها على سدة الحكم، حتى إذا استكان شعب البلد العربي وخضع، احتسبه لنفوذ (إسرائيل) المزروعة كقاعدة استعمارية متقدمة في المنطقة العربية.
سرقة مقدسات الشعوب العربية وتحويلها إلى متاحف ومعالم أثرية، وكسر محور قضايا الأمة في الحرية والاستقلال والتحرر والتقدم هو ما يحدث، وليس أمام المناضلين العرب إلّا التصدي والمواجهة قبل خسران الكرامة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها