لا شك أن الاستيطان يستشري في الضفة الغربية كالسرطان سواء في العلن أو في السر، في العلن من خلال الإعلان عن المشاريع الاستيطانية سواء في القدس وجوارها أو في الضفة الغربية وفي السر من خلال توسيع جميع المستوطنات دون استثناء وبشكل غير مسبوق على سيبل المثال لا الحصر مستوطنة (عيلي) بين نابلس ورام الله كانت في الماضي مستوطنة على قمة جبل فقط لكنها الآن تمددت بشكل لا يمكن تصوره، لقد تمددت هذه المستوطنة لتصبح على طول سلسلة الجبال من جنوب نابلس والجبال المطلة على قرى الساوية واللبن وقبلان حتى ترمسعيا شمال رام الله لتصبح عشرات الآلاف من الدونمات تحت سيطرة الاستيطان عدا عن الشوارع الأمنية المحيطة بها الأمر الذي منع أصحاب الأراضي حتى من الاقتراب لمئات الأمتار عن هذه الشوارع وأصبح الأمر مرتبط بالموافقة المسبقة لدخولها (التصاريح أو التنسيق المسبق).
ثم جاءت المراعي الاستيطانية في شمال وجنوب الضفة وفي الأغوار الشمالية والتي أكلت الأخضر واليابس ونافست حتى رعاة الأغنام الفلسطينيين في جبالهم وسهولهم وبقوة السلاح والعربدة الأمر الذي غيب الرعاة الفلسطينيين عنها وبالتالي سيطرة المستوطنين على هذه الجبال والسهول دونما منازع وأقاموا المزارع والحظائر على أراضي المزارعين الفلسطينيين الذين لا حول لهم ولا قوة، وتم تهجير الآلاف من المزارعين الفلسطينيين في الأغوار الشمالية وشرق نابلس وجنوب الخليل وعائلاتهم وأغنامهم بعد أن تم هدم وتدمير مزارعهم بالقوة وحماية جيش الاحتلال، ثم شكل المستوطنون مليشيات مسلحة وبلباس جيش الاحتلال وبعربات جيش الاحتلال وبدأوا حتى مطاردة المزارعين الفلسطينيين في الأماكن التي ذهبوا إليها بعد التهديد والتدمير لمزارعهم وطردهم حتى وصل الأمر إلى الغرامات والمصادرة والسرقة والتخريب في جنح الظلام من هذه الأماكن وبالقوة والعربدة والتهديد، لذلك وبكل أسف نجح المستوطنين بذلك وسيطروا على عشرات الآلاف من الدونمات الزراعية والخصبة ومنع المزارع الفلسطيني من الوصول لها.
ثم بدء المستوطنون بسياسة جديدة قديمة وهي البؤر الاستيطانية والتي انتشرت بكثافة خلال الأشهر والأسابيع الأخيرة، وهذه البؤر تمثل نواة للمستوطنات تبدأ بالتدحرج شيئًا فشيئا من خلال فتح شوارع وإيصال الكهرباء والمياه لها وإقامة بنى تحتية لها ويتم إحضار عائلات من المستوطنين بعد تشجيعهم وتوفير كل مقومات الدعم لهم وبشتى الطرق التشجيعية، إن هذه البؤر الاستيطانية والتي هي الأخطر أو لا تقل خطورة عن المراعي الاستيطانية أقل ما يقال عنها أنها تأكل الضفة الغربية خاصة المناطق المصنفة C دون منازع ودون رادع وتحت التهديد والوعيد وبحماية جيش الاحتلال وهذه الحماية تشمل الهدم والمصادرة والاعتقال ودفع الغرامات وإطلاق يد المليشيات العنصرية ودون أية مسائلة قانونية كما يعرف الجميع، إن هذه البؤر تشكل الخطر الأكبر على ما تبقى من حل الدولتين وبالتالي حتى لو فرضنا فرض المجتمع الولي هذا الحل فلن يكون متاح أمامنا إلا مناطق A وسوف ندخل في مفاوضات عقيمة على مناطق B لذلك كله وبدون أدنى شك نحن نمر في أخطر الظروف وأخطر المراحل التي تمر بها قضيتنا والتي هي بحاجة لتعزيز وحدتنا وصمودنا بكل فعلي وحقيقي وعلى أرض الواقع لأنه الأمر كما ذكرت سابقًا لم يعد بحاجة إلى شعارات وخطط فقط.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها